×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

 إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ([1])، رواه البخاري، ومعناه: إنَّ مَنْ لم يستح صنع ما شاء من القبائح والنقائص، فإن المانع له من ذلك هو الحياء وهو غير موجود، ومن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر.

فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أرَادَ بَعبِده هَلاكاً نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ مَقِيتًا مُمَقَّتًا، فَإِذَا كَانَ مَقِيتًا نُزِعَ مِنْهُ الأَْمَانَةُ، فلَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا كَانَ خَائِنًا مُخَوَّنًا نُزِعَ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِذَا نُزِعَ مِنْهُ الرَّحْمَةُ فلَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ فَظًا غَليِظًا، فَإِذَا كَانَ فَظًا غليظًا نُزِعَ مِنْهُ رِبْقَةُ الإِْيِمان مِنْ عُنُقِهِ فلَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ شيطانًا ملقنًا «لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ شَيِطانًأ لَعِينًا مُلَعَّنًا»» ([2]).

وعن ابن عباس قال: الحياء والإيمان في قرن، فإذا نزع الحياء تبعه الآخر، وقد دل الحديث وهذان الأثران على أن من فقد الحياء لم يبق ما يمنعه من فعل القبائح، فلا يتورع عن الحرام، ولا يخاف من الآثام، ولا يكف لسانه عن قبيح الكلام، ولهذا لما قل الحياء في هذا الزمان أو انعدم عند بعض الناس، كثرت المنكرات، وظهرت العورات، وجاهروا بالفضائح، واستحسنوا القبائح، وقَلَّت الغيرة على المحارم، أو انعدمت عند كثير من الناس، بل صارت القبائح والرذائل عند بعض الناس فضائل وافتخروا بها، فمنهم المطرب والملحن والمغني الماجن، ومنهم اللاعب التاعب الذي أنهك جسمه وضيع وقته في أنواع اللعب وفنون الرياضة التافهة كاشفًا لعورته أمام الناس،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3484).

([2])  استبدال من طبعة دار المعارف.