ومعناه: أنهم لما
تصدقوا بها كلها إلا كتفها أخبر صلى الله عليه وسلم أنها بقيت لهم في الآخرة إلا
كتفها الذي لم يتصدقوا به، فإنه لم يبق لهم ليبين صلى الله عليه وسلم لأمته أن
الذي يتصدق به من المال هو الذي يبقى لصاحبه، وأن الذي لا يتصدق به هو الذي يذهب
ويزول عن صاحبه.
ومنع الصدقة سبب
لتلف المال، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ
فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ
مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآْخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا»
([1]). متفق عليه.
عباد الله: عليكم بالإنفاق من
جيد المال ولا تنفقوا من رديئة، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا
كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَيَمَّمُواْ
ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بَِٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ
فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [البقرة: 267].
يأمر تعالى بالانفاق
من جيد المال، وينهى عن الإنفاق من رديئه، ويقول: كما أنكم لا ترضون بالرديء لو
دفعه إليكم غيركم، فلا تدفعوه إلى غيركم، فإنه لا يرضاه، فكيف ترضون للناس ما لا
ترضونه لأنفسكم.
ثم أخبر سبحانه أنه
غني عن صدقاتكم، وإنما أمركم بالتصدق لأنفسكم، فلا تقدموا لها الرديء، فإنه لا
ينفعكم، كما قال تعالى: ﴿لَن
تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ﴾ [آل عمران: 92].
أي: لن تكونوا من أهل الإحسان والتقوى والمنازل العالية في الجنة إلا إذا تصدقتم بأحب أموالكم إليكم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1442)، ومسلم رقم (1010).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد