×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

ولما نزلت هذه الآية بادر الصحابة بتقديم أنفس أموالهم وأحبها إليهم تقربًا إلى الله تعالى، فتصدق أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه بحائطه الذي هو أحب إليه، وكان عند عمر جارية تعجبه، فأعتقها، وقال: إن الله عز وجل يقول: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ [آل عمران: 92].

وكذلك ابنه عبد الله كان إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به ابتغاء وجه الله..

وقد وصف الله الأبرار بقوله: ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا ٨ إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا ٩} [الإنسان: 8- 9].

وكثير من الناس اليوم لا يتصدقون إلا بالشيء الذي تعافه أنفسهم، أو يريدون أن يرموه في المزابل مما ذهب نفعه وقلت الرغبة فيه، وهذا لا يفيدهم شيئًا، كما قال الله تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ [آل عمران: 92].

فعليكم عباد الله بالإنفاق من الطيبات، فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا والطيب هو الحلال الجيد.

واحذروا -عباد الله- من موانع قبول الصدقة التي منها أن يتصدق الإنسان وهو كاره، قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ [التوبة: 54].

أي: ينفقون بغير انشراح صدر وطيب نفس ورغبة في ثواب النفقة، ومن كان كذلك فإنه يعتبر النفقة مغرمًا لا مغنمًا.

ومن موانع قبول الصدقة المن بها، قال تعالى:  ﴿قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗىۗ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ ٢٦٣ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ


الشرح