الجمعة، ويملؤون
المساجد بوقت مبكر، وأما اليوم فقل من يعمل بذلك، فالكثير لا يحضر إلا عند الخطبة
أو عند الإقامة، أو في آخر الصلاة، فيحرمون أنفسهم من أجر التبكير ومن سماع
الخطبة. بل ربما لا يتمكنون من إدراك الصلاة، وهذا حرمان عظيم ونقص كبير، يجلس
أحدهم في بيته، وهو بجوار المسجد ولا يقوم إلى الصلاة إلا عندما يدخل الإمام يخشى
أن يمضي شيئًا من الوقت في المسجد قبل حضور الإمام، وهو لا يأنس بجلوسه في المسجد،
بل يعتبر ذلك حبسًا. لأنه لا يدري عما فيه من الفضل، بل يظن أن المطلوب هو أداء
الصلاة فقط، فلذلك لا يأتي إلا عند الإقامة، ولا يدري أنه مطلوب منه التبكير
والانتظار، وأن صرف الوقت في ذلك من أفضل الأعمال، ولا يدري أنه مطلوب منه سماع
الخطبة والتذكير، ولا يدري أن الخطبة هي الذكر، أو هي من الذكر الذي أمر الله
بالسعي إليه في قوله: ﴿فَٱسۡعَوۡاْ
إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ﴾ [الجمعة: 9].
وذلك لأن الله شرع
الخطبة لتعليم الناس ما يجهلون، وتحذيرهم مما يضرهم وتنبيههم وإرشادهم، فالخطبة
درس الأسبوع وموعظة المسلمين، وكلهم بحاجة إلى استماعها والانتفاع بها.
فاتقوا الله -عباد
الله- واهتموا بالحضور لصلاة الجمعة مبكرين.
﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ
أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [الحشر: 19].
وقد عاتب الله سبحانه من انصرف عن سماع الخطبة إلى طلب الدنيا، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ﴾ [الجمعة: 11].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد