×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

بحسبه، ووصيتهم بما يقربهم إلى الله، ونهيهم عما يبعدهم عن الله، ويوجب لهم سخطه وناره، مع جزالة الألفاظ وجودة الإلقاء، ولا تكون طويلة مملة ولا قصيرة مخِلَّةً، ولا تكون حشوًا من الكلام الذي لا فائدة فيه، بل يختار لها الموضوع المناسب المفيد، ويتجنب الموضوع الذي لا مناسبة له أو لا فائدة فيه.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بشأن الخطبة موضوعًا وإلقاءً، عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول، صبَّحَكم ومَسَّاكم، وكان يعلِّم أصحابه في خطبه قواعد الإسلام وشرائعه ويكثر فيها من تلاوة القرآن، وكان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة، ويكثر الذكر، ويقصد الكلمات الجوامع، وكان يقول: «إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ» ([1])، فيجب على الخطباء أن يقتدوا به في خطبهم، فإنَّ بعض الخطباء اليوم يطيل الخطبة طولاً مملاً ويتناول فيها موضوعات لا مناسبة لها فيها، ولا فائدة للحاضرين منها، أو هي غريبة على أسماعهم، ومع هذا يقصرون الصلاة ويقللون القراءة فيها، وهذا خلاف السنة، واعلموا رحمكم الله أنه يجب على الحاضرين الإنصات والاستماع للخطبة، ويحرم الكلام وقت إلقائها، ويحرم العبث حال الخطبة بكثرة الحركة بيدٍ أو رجلٍ أو تحريك شيءٍ من غير حاجة أو مس لحية أو ثوب، لأنَّ ذلك يشغل عن استماع الخطبة.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (869).