فمن زعم أن الإسلام
لا يصلح لهذا الزمان أو شك في صلاحيته، أو قال: إنه مختص بعلاقة العبد بربه، وأما
شؤون الناس فيما بينهم وشؤون السياسة والاقتصاد والحكم فإن الإسلام لا يتناولها،
وإنما هي متروكة للبشر يضعون لها القوانين التي يرونها، من قال هذا أو اعتقده فهو
كافر مرتد عن دين الإسلام مكذب الله تعالى في قوله:﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ﴾ [المائدة: 3]. يجب
أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدًا.
عباد الله: وإذا تأملنا اليوم الذي نزلت فيه هذه الآية وهو يوم عرفة، وفي يوم الجمعة أدركنا شرف الزمان الذي نزلت فيه فهو خير يوم طلعت فيه الشمس، وأدركنا عظمة هذا اليوم الذي نحن فيه وهو يوم النحر الذي يلي عرفة، وهو يوم الحج الأكبر، وقد خطب فيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قال: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: «أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟»، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» ([1])، رواه أحمد والبخاري، فبين أن حرمة الدماء والأموال كحرمة الشهر الحرام في البلد الحرام.
([1]) أخرجه: الدارقطني رقم (4606)، والبزار رقم (8993).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد