ولأنَّها اللَّيالي التي كان اجتهاد النبيَّ صلى
الله عليه وسلم يتزايد فيها، فكان يُحييها بالتهجُّد والقيام، وكان يعتكف في
المسجد للتفرُّغ للعبادة في هذه اللَّيالي والأيَّام.
ففي الاجتهاد فيها
اقتداءٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعملٌ بقوله تعالى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن
كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا﴾ [الأحزاب: 21].
ولأنها الليالي التي
تُرجى فيها ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: ﴿لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ﴾ [القدر: 3].
أي: العمل في هذه
الليلة خيرٌ من العمل في ألف شهرٍ ليس فيها ليلة القدر.
وقال صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([1]) وقيامها إنما
يحصُلُ يقينًا بالقيام في كلَّ ليالي الشَّهر، ولا سيما ليالي العشر الأواخر فهي،
أرْجى لتحرِّيها وآكد لموافقتها، فهي لم تحدَّد في ليلةٍ مُعينةٍ من الشهر، لأنَّ
الله سبحانه أخفاها لأجل أن يكثر اجتهاد العباد في تحريها ويقوموا ليالي الشهر
كُلَّها لطلبها فتحصل لهم كثرة العمل وكثرة الأجر، وليتميز المُجدَّ من الكسلان.
فاجتهدوا -رحمكم الله- في هذه العشر التي هي ختام الشَّهر وأيَّام الإعتاقِ من النار، كما في الحديث: «وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6)، ومسلم رقم (2308).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد