يُخبرُ تعالى أنَّ
الحج يقع في أشهًر معلوماتٍ وهي شوال وذو القعدة وعشرة أيامٍ من ذي الحجَّة، وقال
تعالى: (مَعْلُومَاتٍ) لأنَّ الناس يعرفونها من عهدِ إبراهيم وإسماعيل عليهما
الصَّلاةُ والسَّلامُ، فالحجّ وقتُهُ معروفٌ لا يحتاجُ إلى بيانٍ كما احتاج
الصِّيام والصَّلاة إلى بيان مواقيتها.
وقوله تعالى:﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ﴾ [البقرة: 197]، معناه: من أحرم بالحجِّ في هذه
الأشهر سواءٌ في أوَّلها أو في وسطها أو في آخِرها، فإنَّ الحج الذي يحرمُ به
يصيرُ فرضًا عليه، يجب عليه أداؤه بفعل مناسكه ولو كانَ نفلاً، فإنَّ الإحرام به
يُصَيرُهُ فرضًا عليه لا يجوز له رفضهُ.
وفي قوله تعالى:﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ
وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ ﴾ [البقرة: 197]: بيانٌ لآداب
المُحرِم وما يجبُ عليه أن يتجنبَّهُ حال الإحرام، أي: يجبُ أن تُعظِّموا الإحرام
بالحجِّ وتصونوه عن كل ما يُفسده أو يُنقِصهُ من (الرَّفثِ): وهو الجماعُ
ومُقدِّماتُهُ الفعلية والقولية.
الفسوقُ: وهو جميع المعاصي،
منها محظُوراتُ الإحرام.
الجِدال: وهو المحاورات
والمنَّازعةُ والمُخاصمةُ، لأنَّ الجِدال يُثيرُ الشَّر ويوقع العداوة ويُشغلُ عن
ذكر اللهِ، والمقصود من الحجِّ الذُّلُّ والانكسارُ بينَ يدي اللهِ وعند بيته
العتيق ومشاعره المقدَّسة، والتقرُّب إلى الله بالطَّاعات وترك المعاصي
والمُحرَّمات ليكونُ الحج مبرورًا.
فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّةِ، ولما كان التقرب إلى الله تعالى لا يتحقق إلا بترك المعاصي وفعل الطاعات فإنهُ سبحانه بعد أن نهى عن المعاصي في الحجَّ أمر بعمل الطاعات، فقال تعالى:﴿وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ﴾ [البقرة: 197]
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد