وبينما هم كذلك أرسل
اللهُ عليهم طيرًا من البحر أمثال الخطاطيف مع كل طائر منها ثلاثة أحجار، حجرٌ في
منقاره، وحجران في رجليِهِ أمثالِ الحمصِ والعدس، فحلَّقت فوقهم ورمتهُم بتلك
الحجارة فهَلكوا، وأنزلَ الله في ذلك قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ ١ أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ
فِي تَضۡلِيلٖ ٢ وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ
طَيۡرًا أَبَابِيلَ ٣ تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ
٤ فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۢ
٥﴾ [الفيل: 1- 5].
والمعنى أن الله
سبحانه وتعالى أهلكهم ودمَّرهم فأصبحوا مُلقين على الأرض كعصف مأكولٍ، وهو التبن
الذي أكلتهُ البهائم وراثتهُ، وفي هذا أعظم عبرةٍ وأكبرُ زاجرٍ لمن يريد هذا البيت
بسوءٍ أن الله يُهلكهُ ويجعلهُ عِبرة للمُعتبرين.
وهذا البيت الشريفُ
له خصائصَ عظيمةٌ منها:
أنهُ أولُ بيتٍ وُضِعَ
للناس على وجه الأرض، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ ٩٦ فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ
كَانَ ءَامِنٗاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ
سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٧﴾ [آل عمران 96- 97].
فأخبر سبحانهُ أنَّهُ أوَّل المساجد في الأرض، فهو قبل بيت المقدس، وهذا من أعظم الآيات البيَّنات فيه، حيثُ تعاقبت عليه آلاف السنين، وهو باقِ كما وضعهُ الله منارةٌ للتوحيد ومثابةً للناسِ، مع حرص الكُفَّار على إزالتهِ والقضاءِ عليه بكُلِّ وسيلةٍ، ومع هذا بقى يتحدى كلُّ عدو، ولهذا سمَّاه الله بالبيت العتيق، قيل: سُميَ عتيقًا لأنَّهُ أوَّل بيتٍ وُضِعَ للنَّاس، وقيل لأن الله أعتقهُ من الجبابرة فلم يظهرْ عليه جبارٌ قطُّ، وقيل: لأنَّهُ أعتق يوم الغرق زمانَ نوحٍ عليه السَّلام، وأنَّه
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد