×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

ومِن خصائصِ هذا البيتِ: أنَّ الله أوجب على الأُمة كُلها حجةُ كل عامٍ، وأوجب على الأفراد حجه مرةً في العمر مع الاستطاعة، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ [آل عمران: 97].

فحجُه على المجموع فرضُ كفايةٍ كُلَّ عامٍ، وحجُّهُ على الأفراد فرضُ عينٍ مرةً في العمرِ مع الاستطاعة.

وإنما شرع الله للناس الحجَّ إلى بيته ليشهدوا منافع لهم، لا لحاجة به إلى الحُجاج كما يحتاج المخلوق إلى من يقصده ويُعظمه.

وقد افتتح الله سبحانهُ بيان شرعيةِ حج هذا البيت بذِكر محاسنه ليُرغب الناس في قصده والإتيان إليه، ولهذا أقبلت قُلوبُ العباد إليه حُبًا وشوقًا إلى رؤيته، ولهذا قال سبحانه:﴿وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَيۡتَ مَثَابَةٗ لِّلنَّاسِ [البقرة: 125].

أي: يتوبون إليه ويرجعون إليه كل عام من جميع الأقطار، ولا يقضون فيه وطرًا بل كلما ازدادوا له زيارةٌ ازدادوا اشتياقًا إليه.

وقد حكم اللهُ بكفرِ من ترك الحجَّ وهو يقدِرُ عليه فقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ [آل عمران: 97].

فمن تركه جاحدًا لوجوبه فلا شكَّ في كُفرِه، وهذا بإجماع المسلمين، ومن تركهُ تكاسلاً أُجبر عليه، وإن مات قبل أن يحُجَّ أُخرِجَ من تَركَتهِ قدر ما يُحَجُ به عنه.


الشرح