بالحديبية على إثر
سماءٍ- أي: مطرٍ- كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: «هَلْ
تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ،
قَالَ: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ:
مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ
بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ
كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» ([1]).
ففي هذا الحديث
دليلٌ على أن إنزال المطر وحدوث الحوادث من الله عز وجل الذي خلقها وقدَّرها، فمن
نسب ذلك إلى الله فقد آمن بالله وشكر نعمته، ومن نسبها إلى غير الله فقد كفر بالله
ولم يشكر نعمته.
وهذا الكفر فيه
تفصيلٌ: فإن كان يعتقد أن الكواكب والطوالع والحركات الفلكية والظواهر الكونية هي
التي تتصرف في نزول المطر أو انحباسه، فهذا كفرٌ أكبر، وهو قول أهل الطبيعة الذين
لا يؤمنون بالله.
وأما إن كان لا
يعتقد أن لهذه الأشياء تأثيرًا في نزول المطر وانحباسه، وإنما ذلك إلى الله، ولكنه
أضاف حدوث هذه الأشياء إليها من إضافة الشيء إلى سببه، فهذا كفرٌ أصغر؛ لأنه نسب
أفعال الله إلى غيره.
والواجب نسبة نزول المطر وجميع النعم أو النقم إلى الله سبحانه، قال تعالى: ﴿أَفَرَءَيۡتُمُ ٱلۡمَآءَ ٱلَّذِي تَشۡرَبُونَ ٦٨ ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ ٦٩ لَوۡ نَشَآءُ جَعَلۡنَٰهُ أُجَاجٗا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ ٧٠﴾ [الواقعة: 68- 70]، وقال تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزۡجِي سَحَابٗا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيۡنَهُۥ ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ رُكَامٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٖ فِيهَا مِنۢ بَرَدٖ فَيُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ وَيَصۡرِفُهُۥ عَن مَّن يَشَآءُۖ يَكَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ يَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ [النور: 43].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (810)، ومسلم رقم (71).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد