المنزلة والجاه عندهم، ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع على المناهي، فليس فعله وتركه صادرًا عن تعظيم الأمر والنهي، ولا تعظيم الآمر والناهي، فعلامة التعظيم للأوامر رعاية أوقاتها وحدودها، والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على فعلها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حقِّ من حقوقها كمن يحزن على فوت صلاة الجماعة، ويعلم أنه لو تقبلت صلاته منفردًا فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفًا، ولو أن رجلاً يعاني البيع والشراء يفوته سبعة وعشرون دينارًا لأكل يديه ندمًا وأسفًا، فكيف وكل ضعفٍ مما تُضاعَف به صلاة الجماعة خيرٌ من ألفٍ وألف ألفٍ وما شاء الله تعالى، فإذا فوَّت العبد عليه هذا الربح وهو بارد القلب فارغٌ من هذه المصيبة غير مرتاعٍ لها، فهذا من عدم تعظيم أمر الله تعالى في قلبه، وكذلك إذا فاته أول الوقت الذي هو رضوان الله تعالى، أو فاته الصف الأول الذي يصلي الله وملائكته على ميامنه، ولو يعلم العبد فضيلته لجاهد عليه ولكانت قرعة، وكذلك الجمع الكثير الذي تُضاعَف الصلاة بكثرته «وقلته» ([1])وكلما كثر الجمع كان أحب إلى الله عز وجل، وكلما بعدت الخُطى إلى المسجد كانت خطوةٌ تحط خطيئةً وأخرى ترفع درجةً، وكذلك فوت الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها بين يدي الرب الذي هو روحها ولبها، فصلاةٌ بلا خشوعٍ ولا حضور قلبٍ كبدنٍ ميتٍ لا روح فيه، أفلا يستحي العبد أن يُهدَي إلى مخلوقٍ مثله عبدًا ميتًا أو جاريةً ميتةً، فما ظن هذا العبد أن تقع تلك الهدية ممن
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد