×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

 قصده بها من ملكٍ أو أميرٍ أو غيره؟! فهكذا سواءً الصلاة الخالية عن الخشوع والحضور وجمع الهمة على الله تعالى فيها، فهي بمنزلة هذا العبد أو الأمة الميتين اللذين يُراد إهداء أحدهما إلى بعض الملوك، ولهذا لا يقبلها الله تعالى منه، وإن أسقطت الفرض في أحكام الدنيا، فإنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، كما في السنن والمسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الصَّلاَةَ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلاَّ نِصْفُهَا إِلاَّ ثُلُثُهَا إِلاَّ رُبُعُهَا إِلاَّ خُمُسُهَا حَتَى بَلَغَ: عُشْرُهَا» ([1]).

ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تُحصَر، وليس الشأن في العمل، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه، فالرياء وإن دق محبطٌ للعمل، وكون العمل غير مقيدٍ باتباع السنة محبطٌ له أيضًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]) أي: مردودٌ على صاحبه غير مقبولٍ عند الله تعالى، والمن بالعمل على الله مفسدٌ له؛ قال تعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ [الحجرات: 17].

والمنُّ بالصدقة والمعروف والبر والإحسان مفسدٌ لها، قال تعالى:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ [البقرة: 264].

وقد تُحبط أعمال الإنسان وهو لا يشعر، كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ [الحجرات: 2].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (796)، وأحمد رقم (18894).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1718).