×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

حذر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعضٍ وهم لا يشعرون بذلك، وليس ذلك برِدَّةٍ، بل معصيةٌ تحبط العمل وصاحبها لا يشعر بها.

وقد يتساهل الإنسان بالشيء من المعاصي وهو خطيرٌ وإثمه كبيرٌ؛ كما قال تعالى: ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} [النور: 15].

وفي الحديث: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللَّهِ طَالِبًا» ([1]) وقال بعض الصحابة: إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات.

عباد الله: ومن علامات تعظيم حرمات الله ومناهيه أن يكره المؤمن ما نهى الله عنه من المعاصي والمحرمات، وأن يكره العصاة ويبتعد عنهم، ويبتعد عن الأسباب التي توقع في المعاصي، فيغض بصره عما حرم الله، ويصون سمعه عما لا يجوز الاستماع إليه من المعازف والمزامير والأغاني والغيبة والنميمة والكذب وقول الزور، ويصون لسانه عن ذلك، وأن يغضب إذا انتهكت محارم الله فيأمر بالمعروف؛ وينهى عن المنكر، ويقوم بالنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، وألا يتبع الرخص والتساهل في الدين، ولا يتشدد فيه إلى حدِّ يخرجه عن الاعتدال والاستقامة؛ لأن من تتبع الرخص من غير حاجةٍ إليها كان متساهلاً، ومن تشدد في أمور الدين كان جافيًا، ودين الله يضيع بين الغالي والجافي، وما أمر الله عز وجل بأمرٍ إلا وللشيطان فيه


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4243)، والدارمي رقم (2726)، والطبراني في « الأوسط » رقم (2377).