الأيام: إن هيئات
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتدخل في أمور الناس، ولا يدري هذا الجاهل أن
الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يريدون الخير للناس والنجاة لهم من عذاب الله
وإنقاذه من الهلاك؛ وقد جاء في الحديث: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا
الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ، يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ» ([1]) وقد لعن الله بني
إسرائيل لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه.
وقوله تعالى: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾ [العصر: 3]. الصبر
هو حبس النفس على طاعة الله وإبعادها عن معصيته، وهو ثلاثة أنواعٍ: صبرٌ على طاعة
الله، وصبرٌ عن محارم الله، وصبرٌ على أقدار الله المؤلمة، ومناسبة ذكر الصبر بعد
ذكر التواصي بالحق: أن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يتعرض لأذى الناس
القولي والفعلي، فعليه أن يصبر على ذلك ويستمر في الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، ويتحمل ما يناله من الناس من الأذى؛ لأن الذي لا يصبر على أذاهم لا يستمر
على نصيحتهم، وقد قال لقمان لابنه: ﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ
ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ
ٱلۡأُمُورِ﴾ [لقمان: 17]، وقال الأنبياء لأممهم: ﴿وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ﴾ [إبراهيم: 12].
والذي ليس عنده صبرٌ
لا يصلح للقيام بإصلاح الناس، بل لا يقوى على القيام بإصلاح نفسه؛ ولهذا قال أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الصبر من الدين بمنزلة الرأس من
الجسد»، وقال الإمام أحمد رحمه الله: وجدنا خير أمورنا بالصبر.
إن سورة العصر سورةٌ عظيمةٌ معجزةٌ، وجيزةٌ، في ألفاظها غزيرةٌ
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (4005)، وأحمد رقم (1).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد