×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

أَصْحَابَه من أن يُظْهروا كُتُبَه، فَذَهبَ كُلُّ أَحَدٍ بما عِنْدَه، وأَخْفَاه ولَمْ يُظْهروا كُتُبَه، فَبَقِيَ هَذَا يَهْرب بما عنده، وهَذَا يَبيعُهُ، أَوْ يهبُهُ، وهَذَا يُخْفيه ويُودعُهُ، وحَتَّى إنَّ منهم مَنْ تُسْرق كتبُهُ أو تُجْحد فَلاَ يَسْتَطيع أن يَطْلبها، ولا يَقْدر عَلَى تَخْليصها وبدون هَذَا تُمزَّق الكُتُبُ والتَّصَانيف. ولَوْلا أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَطَف وأعانَ وَمَنَّ وخَرَق العَادَة فِي حِفْظِ أعْيَان كُتُبه وتَصَانيفه لَمَا أمكنَ لأحدٍ أَنْ يَجْمَعَها. وقَدْ رَأيتُ من خَرْق العَادة فِي حِفْظِ كُتُبه وجَمْعها وإصْلاَح ما فَسَد منها، وَرَد ما ذَهَب منها مَا لَوْ ذكرتُهُ لكَانَ عجبًا يَعْلم به كُلُّ مُصنَّفٍ أنَّ لله عِنَايةً به وبكَلاَمه؛ لأَنَّه يَذبُّ عن سُنَّةِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَحْريفَ الغَالِينَ، وانْتحَال المُبْطلينَ، وتَأْويل الجَاهِلِين». انتهى كَلاَم ابْن عَبْد الهَادي رحمه الله .

هَذَا، ونَحْن نُحَاول - إنْ شَاءَ اللهُ - أَنْ نُقدِّم للقَارئ الكَريم بَعْضَ الأَضْوَاء من فَتَاوى هَذَا الإمَام الجَليل بمَا نَقْتبسُهُ ومِنْ مَضَامِينِها ومَا نَقْتطفُهُ من ثِمَارها اليَانعَة، وما نشمُّه من أَزْهَارها العَطرَة ليَصلَ شَيءٌ من فَوَائدها إِلَى مَنْ لَمْ يَطَّلع عَلَيْها؛ لأنَّ هَذَا من نَشْر العِلْمِ وَمن التَّعَاون عَلَى البِرِّ والتَّقْوى، ونَسْأل اللهَ لنا الإعَانَة عَلَى تَحْقيق هَذِهِ المَهمَّة، والتَّسديد فيما نَقُولُه وننقلُهُ، إِنَّه سميعٌ مجيبٌ.

·        مجموع فتاواه:

ابْتُدِئَ هَذَا المَجْموع المُبَارك بخُطْبةٍ بَليغةٍ للشَّيخ ابْتدَأها بحَمْد الله والثَّناَء عَلَيْه بأسمائِهِ وصفاتِهِ، وبمَا تَفضَّل به عَلَى عِبَادِهِ من إرْسَال الرُّسُل، وإنْزَال الكُتُب، وَبِمَا تَكفَّل به سُبْحَانَه من حِفْظِ كِتَابِهِ وسُنَّة رَسُولِهِ من تَحْريف الغَالِينَ، وانْتحَال المُبْطلينَ، وَتَأْويل الجَاهِلِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بالشَّهَادَتين: شَهَادة أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، وَشَهَادة أَنَّ مُحمَّدًا رَسُول الله.


الشرح