ثُمَّ بَيَّن
عَظيمَ نِعْمَةِ الله عَلَى عِبَادِهِ بإرْسَال رَسُوله مُحمَّدٍ صلى الله عليه
وسلم ، وَمَا قَامَ به صلى الله عليه وسلم من تَبْليغ هَذَا الدِّين، وَهِدَايَة
العَالَمين حَتَّى طَلَعتْ شَمْسُ الإيمَان، وأَدْبرَ لَيْلُ البُهْتان، وعَزَّ
جُنْدُ الرَّحْمَن، وَذلَّ حِزْبُ الشَّيطَان، وَظَهَر نورُ الفُرْقَان، وَاشتهرَت
تِلاَوَةُ القُرْآن، وأعلنَ بدَعْوَة الأَذَان، وَقَامتْ حُجَّة الله عَلَى الإنْس
والجَانِّ.
ثُمَّ بَيَّن
رحمه الله أَنَّه لا سَعَادة للعِبَادِ ولا نَجَاة لهم إلاَّ باتِّباع الرَّسُول
صلى الله عليه وسلم ؛ لأَنَّ اللهَ خَلَقهم لعِبَادتِهِ، ولا يُمْكن تَحْقيق
العِبَادَة إلاَّ باتِّباع الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ كُلَّ عِبَادةٍ
لَيْسَت عَلَى سُنَّة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَهِيَ ضَلاَلٌ كَمَا قَالَ
صلى الله عليه وسلم : «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ
رَدٌّ» ([1]).
وَقَالَ صلى
الله عليه وسلم : «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا،
فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ
فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ
الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2]).
قَالَ رحمه الله : «وقَدْ ذكرَ اللهُ طَاعَة الرَّسُول وَاتِّبَاعه فِي نَحْو أرْبَعينَ مَوْضعًا من القُرْآن»، ثُمَّ ذَكَر جُمْلةً من هَذِهِ المَوَاضع، ثُمَّ قَالَ: فَبِمُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم تَبيَّن الكُفْرُ من الإيمَان، وأَهْل الجَنَّة من أَهْل النَّار، فالنُّفُوسُ أحْوَج إِلَى مَعْرفة ما جَاءَ بِهِ واتِّباعه مِنْهَا إِلَى الطَّعام والشَّراب؛ فإنَّ هَذَا «يَعْني الطَّعام والشَّراب» إِذَا فَاتَ حَصَل المَوْتُ فِي الدُّنيا، وذَاكَ «يَعْني مَعْرفة ما جَاءَ به الرَّسُول» إِذَا فاتَ حَصَل العذابُ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ أحدٍ بَذْلُ جهدِهِ واستطاعتِهِ فِي مَعْرفة ما جَاءَ به وطاعتُهُ».
([1])أخرجه: البخاري رقم (2550)، ومسلم رقم (1718).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد