وإِلَى جَانب مَجْهودِهِ العلميِّ العَظيم،
شَارَك فِي الجِهَادِ فِي سَبيل اللهِ، فَحَمَل السِّلاحَ وَخَاضَ المَعَاركَ ضدَّ
التَّتار عدَّة مَرَّاتٍ ممَّا كَانَ له أطْيَب الأَثَر فِي تَقْوية مَعْنويَّة
المُجَاهدينَ حَتَّى انْتَصَروا عَلَى عَدوِّهم.
وقَدْ تَخرَّج
عَلَى يَد هَذَا العَالِمِ الجَليل أَئمَّةٌ من طُلاَّبه حَمَلوا الرَّاية من
بَعْده؛ مِنْهُمُ الإمامُ ابْن القَيِّم والإمَام ابْن كَثِيرٍ والحَافظ الذَّهَبي
والحَافظ ابْن عَبْد الهَادِي وغَيْرهم ممَّن أَخَذُوا عنه العِلْمَ ونَشَرُوه فِي
الآفَاق بمَا أَلَّفُوه من المُؤلَّفَات القَيِّمَة الَّتِي تَزْخُرُ بها
المَكْتبَات الإِسْلاَميَّة اليَوْمَ، فَجَزَى اللهُ شَيْخَ الإِسْلاَم ابْن
تَيْميَة عَن الإِسْلاَم والمُسْلِمِين خَيْرَ الجَزَاء، ونَفَعنا بعُلُومِهِ.
ولَمَّا قَامَ
بهَذَا الوَاجِبِ العَظيم غَاظَ خُصُومه فَرَمته كُلُّ طَائفَةٍ مِنَ الطَّوَائف
المُنْحرفَة بلَقَبٍ سَيِّئٍ تريد بذَلِكَ صَدَّ النَّاس عن دَعْوتِهِ وتَشْويه
عملِهِ...
فَنُفَاةُ
الصِّفات قَالُوا: إِنَّه مُجسِّمٌ؛ لأنَّ إثْباتَ الصِّفَات عِنْدَهم تَجْسيمٌ،
ومُتَعصِّبة الفُقَهَاء والمُبْتدعَة قَالُوا: إِنَّه خَرقَ الإجْمَاعَ؛ لأنَّ
أَخْذَ القَوْل الرَّاجح بالدَّليل المُخَالف لمَا هُمْ عَلَيْه، وَردَّ البِدَعِ
خَرْقٌ للإجْمَاع عِنْدهُمْ، وَغُلاَةُ الصُّوفيَّة وَالقُبُوريُّون قَالُوا:
إِنَّه يُبْغض الأَوْليَاء، ويُكفِّر المُسْلمينَ، ويُحرِّم زيارَةَ القُبُور؛
لأَنَّ الدِّين عِنْدهُمْ هو التَّقرُّب إِلَى الأَوْليَاء والصَّالِحِين،
وتَعْظيم مَشَايخ الطُّرُق الصُّوفيَّة واتِّخَاذهم أَرْبَابًا من دون الله،
والغُلُو فِي تَعْظِيمِهم بصَرْف العبَادة إلَيْهم.
هَذَا مَوْقفُ
هَذِهِ الطَّوائف من دَعْوة شَيْخ الإِسْلاَم، وهُوَ موقفٌ يَتكرَّر مع كُلِّ
مُصْلحٍ ومُجدِّدٍ يَدْعو إِلَى دين الله الَّذِي جَاءَ به رسولُهُ صلى الله عليه
وسلم ، ونَبْذ ما خَالَفه من دين الآبَاء والأَجْدَاد وعَادَات الجاهليَّة.
ولَيْسَ هَذَا
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد