ولهَذَا
يُشرَعُ فِي التَّشهُّدِ وفي سَائِرِ الخُطَبِ المَشرُوعةِ كخُطَبِ الجُمعِ
والأعيَادِ، وخُطب الحاجَاتِ عندَ النِّكَاحِ وغيره أنْ نَقولَ: أشْهَدُ أنْ لا
إِلَهَ إلاَّ الله، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُه.
وكَانَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحقِّقُ عُبودِيَّتَه لِئَلاَّ تقعَ الأُمَّةُ فيما
وقَعَتْ فِيهِ النَّصَارَى فِي المَسيحِ من دَعْوَى الأُلُوهِيَّةِ، حَتَّى قَالَ
رَجلٌ: مَا شَاءَ اللهُ وشِئْتَ، فقَالَ: «أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدًّا؟: بَلْ
شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» ([1]). وقالَ: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا
عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ» ([2]). وقالَ: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا
يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ
مَسَاجِد» ([3])، فمَن توَهَّم فِي نَبِيِّنا أو غيرِه مِنَ الأنبياءِ
شيئًا مِنَ الأُلُوهِيَّةِ والرُّبوبيَّةِ فَهُوَ من جنسِ النَّصَارَى.
وإِنَّمَا حقوقُ الأنبياءِ ما جَاءَ به الكِتَابُ والسُّنَّةُ عنهم، قَالَ تَعَالَى فِي خِطَابِه: {وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَئَِّاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ﴾ [المائدة: 12] ، والتَّعزيز: النَّصرُ والتَّوْقِيرُ والتَّأْيِيدُ. وقَالَ تَعَالَى: {إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٨ لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ٩﴾ [الفتح: 8- 9] ، فهَذَا فِي حقِّ الرَّسُولِ، ثُمَّ قَالَ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى: {وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: 9] ، وقَالَ تَعَالَى: {وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَآ إِلَيۡكَۚ قَالَ عَذَابِيٓ أُصِيبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَآءُۖ وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (2117)، والنسائي في «الكبرى» رقم (10759)، وأحمد رقم (1839)، والطبراني في «الكبير» رقم (13005)