قَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تُجَاهِدَ بِنَفْسِكَ وَمَالِكَ
فَيُعْقَرُ جَوَادُكَ وَيُرَاقُ دَمُكَ»، قَالَ: أَيُّ السَّاعَاتِ أَفْضَلُ؟
قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الغَابِرِ» ([1]).
ومعرُوفٌ أنَّ هَذَا
كُلَّهُ مَراتِبٌ بعضُهَا فَوقَ بعضٍ، والمُهَاجِرُ لا بُدَّ أنْ يكونَ مُؤمِنًا،
وكذَلِكَ المُجَاهِدُ، ولهَذَا قَالَ: الإيمانُ: السَّماحَةُ والصَّبرُ، وقَالَ
فِي الإِسْلاَم:« إطْعَامُ الطَّعامِ،
وطِيبِ الكَلامِ»، والأوَّلُ مستَلْزِمٌ الثَّانِي: فإنَّ مَن كَانَ خُلُقُه
السَّماحَةُ فعلَ هَذَا بخلافِ الأَوَّلِ، فإِنَّ الإنسانَ قَد يَفعَلُ ذلكَ
تَخَلُّقًا ولا يَكُونُ فِي خُلُقِه سَمَاحةٌ وصَبْرٌ، وكذَلِكَ قَالَ: أفضل
المُسلِمِينَ من سَلِمَ المُسلِمُونَ من لِسَانِه ويَدِه، وقال: أفْضَلُ
المُؤمِنِينَ إيمَانًا أحْسَنُهم خُلُقًا، ومعْلُومٌ أنَّ هَذَا يتضَمَّن
الأَوَّل؛ فمَن كَانَ حَسَنُ الخُلُقِ فعَلَ ذَلِكَ، قِيلَ للحَسَنِ البَصريِّ: ما
حُسْنُ الخُلُقِ؟ قَالَ: بَذْلُ النَّدى، وكفُّ الأذَى، وطلاَقَةُ الوَجْهِ، فكَفُّ
الأذَى جُزْءٌ من حُسْنِ الخُلُقِ.
وستَأْتي الأحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بأَنَّه جعَلَ الأعمَالَ الظَّاهِرَةَ من الإيمَانِ كقَوْلِهِ: «الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلاَهَا شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ» ([2])، وقَولُه لوفْدِ عبدِ القيسِ: «آمُرُكُمْ بِالإِْيمَانِ بِاللهِ، وَحْدَهُ؟ أَتَدْرُونَ مَا الإِْيمَانُ بِاللهِ وَحْدَهُ؟ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وأنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ» ([3])، ومعلُومٌ أَنَّه لَمْ يرد أنَّ هَذِهِ الأعمالَ إيمانًا باللهِ بِدُونِ إيمَانِ القلْبِ، لما قَد أخْبَرَ فِي غَيرِ مَوضِعٍ أَنَّه لا بُدَّ من إيمَانِ القَلْبِ فعُلِمَ أن هَذِهِ الأعمال معَ إيمَانِ القَلْبِ هُو الإيمَانُ.
([1])أخرجه بلفظه: محمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» رقم (644).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد