ويدْفَعُون
عنهم مضرَّة، ويبْقَى أحَدُهم يتقَاضَى العِوضَ والمجازَات عَلَى ذَلِكَ، ويقولُ
له عِنْدَ جفاءٍ أو إِعْرَاضٍ يرَاهُ منه: ألَمْ أفعَلْ كذا، يمنُّ عَلَيْهِ بما
يفعَلُه معه، وإنْ لَمْ يقُلْهُ بلسَانِه كَانَ ذَلِكَ في نَفْسِه، وتخيّل مثل
هَذَا في حقِّ اللهِ تَعَالَى من جهلِ الإنسانِ وظُلْمِه، ولِهَذَا بَيَّنَ
سُبْحَانَهُ أنَّ عملَ الإنسانِ يعودُ نفْعُه عَلَيْهِ، وأنَّ اللهَ غنيٌّ عَنِ
الخلقِ؛ كَمَا في قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ
وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46] ، وقَالَ تَعَالَى: {إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ﴾ [الإسراء: 7] .
وذكرَ آياتٍ في هَذَا الموضوعِ ثُمَّ قالَ: وقد بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنَّهُ المَانُّ بالعملِ فقَالَ تَعَالَى: {يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [الحجرات: 17] ، {وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ ٧ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعۡمَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٨﴾ [الحجرات: 7- 8] ، ثُمَّ ذكرَ حديثَ أبي ذَرٍّ الَّذِي فيه: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي...» ([1])، الحديثُ بتمَامِه ثُمَّ قالَ: وبيْنَ المخلوقِ والخالقِ مِنَ الفُروقِ ما لا يَخْفَى عَلَى من له أدْنَى بصِيرَةٍ، منها: أنَّ الرَّبَّ تَعَالَى غنِيٌّ بنَفْسِه عمَّا سِوَاهُ ويمْتنِعُ أَنْ يَكُونَ مفْتَقِرًا إِلَى غَيرِهِ بوَجْهٍ مِنَ الوُجوهِ، والملوكُ وسادَةُ العبيدِ مُحْتَاجونَ إِلَى غيرهِم حَاجَةً ضَرُورِيَّة.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2577).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد