ومنها أنَّ
الرَّبَّ تَعَالَى، وإن كَانَ يحِبُّ الأعمالَ الصَّالحةَ ويرضَى ويفرَحُ بتوبة
التَّائبينَ، فهو الَّذِي يخلقُ ذَلِكَ ويُيَسِّرُه، فلم يحصلْ ما يحبُّه ويرضَاه
إلاَّ بقُدْرَتِه ومشيئَتِه، والمخلوقُ قد يحصُلُ له ما يحِبُّه بفعْلِ غَيره.
ومنها أنَّ
الرَّبَّ سُبْحَانَهُ أمرَ العبادَ بما يُصْلِحُهم ونَهَاهم عمَّا يُفْسِدُهم،
بخلافِ المخلوقِ الَّذِي يأْمُرُ غَيرَه بمَا يحتاجُ إِلَيْهِ وينْهَاهُ عمَّا
ينْهَاهُ بخْلاً عَلَيْهِ.
ومنها: أنَّهُ
سُبْحَانَهُ هُوَ المُنعِمُ بإِرْسَالِ الرُّسلِ وإنزَالِ الكُتبِ، وَهُوَ
المُنعِمُ بالقُدرَةِ والحواس، وغير ذَلِكَ مِمَّا يحصلُ العِلم والعَمل الصَّالح،
وَهُوَ الهادي لعبَادِه، والمخلوق لَيْسَ يقْدِرُ عَلَى شيءٍ من ذَلِكَ.
ومنها: أنَّ
نِعَمَهُ عَلَى عبادِه أعظمُ من أن تُحْصَى، فلو قُدِّرَ أنَّ العبادةَ جزاءُ
النِّعمَةِ لَمْ تقمِ العِبادَةُ بشُكْرٍ قليلٍ منها، فكَيْفَ والعبادَةُ من
نعْمَتِه أيضًا؟
ومنها أنَّ
العبادَ لا يزَالُونَ مقصِّرِينَ محتاجِينَ إِلَى عفْوِه ومغْفِرَتِه فلن يَدْخُلَ
أحَدٌ الجنةَ بعمَلِهِ.
وقَولُهُ صلى الله عليه وسلم «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ» ([1])؛ لا يناقضُ قَوْلَهُ تَعَالى: {جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [السجدة: 17] ؛ فإِنَّ المنفيَّ بباءِ المقابلة والمعاوضَةِ، والمُثبَت ببَاءِ السَّببِ؛ فالعملُ لا يقابِلُ الجزاءَ وإن كَانَ سببَ الجزاءِ، فمَن قالَ: للمخلوقِ حق عَلَى اللهِ فهو صحيحٌ إن أرادَ به الحقّ الَّذِي أخبر اللهُ بوقوعِه، فإِنَّ اللهَ صادقٌ لا يُخْلِفُ الميعادَ، وَهُوَ الَّذِي أوجَبَهُ عَلَى نفسِه بحِكْمَتِه وفضْلِه ورحْمَتِه، وَهَذَا المستحقّ لهَذَا
([1])أخرجه: البخاري رقم (5673)، مسلم رقم (2816).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد