فكَيْفَ إِذَا نقلَها مَن لا ينقلها لا عن أهْلِ
الكِتَابِ ولا عن ثِقَاتِ عُلَماءِ المُسْلِمِينَ؟ بل إِنَّمَا ينْقُلُها عمَّنْ
هُوَ عِنْدَ المُسْلِمِينَ مَجْروحٌ ضَعِيفٌ لا يُحْتجُّ بحدِيثِه، واضْطُرِبَ
عَلَيْهِ فيها اضْطِرَابًا يُعْرَف أنَّهُ لَمْ يَحْفظْ ذَلِكَ، ولا ينقلْ ذَلِكَ،
ولا من يشبهه من أحَدٌ من ثقَاتِ عُلماءِ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعتمَدُ
نقْلُهُم، وإِنَّمَا هي من جِنْسِ ما ينقُلُه إِسْحَاقُ بن بشرٍ وأمْثَالُه في
كِتَابِ «المبتدأ»، وهذه لو كانت ثابتة عَنِ الأنبياءِ لكانت شرعًا لهم، وحينئذ
فكَانَ الاحتجاجُ بها مبنِيًّا عَلَى أن شَرعَ مَنْ قَبْلنا؛ هل هُوَ شَرعٌ لنا أو
لا؟ والنِّزَاعُ في ذَلِكَ مَشهورٌ، لَكِن الَّذِي عَلَيْهِ الأَئِمَّةُ وأكثر
العُلمَاءِ أنَّهُ شَرعٌ لنا ما لَمْ يرد شَرعنا بخِلاَفِه، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ
فِيمَا ثَبَتَ أنَّهُ شَرعٌ لمَن قبْلَنَا: من نَقْلٍ ثَابتٍ عَنْ نَبِيِّنا صلى
الله عليه وسلم ، أو بما تَواتَرَ عنهم، لا بما يُرْوَى عَلَى هَذَا الوَجْهِ؛
فإِنَّ هَذَا لا يَجُوزُ أن يُحْتَجَّ به في شَرْعِ المُسْلِمِينَ أحَدٌ مِنَ
المُسْلِمِينَ.
قالَ الشَّيخ رحمه الله : ومن هَذَا البابِ حَدِيثٌ ذكرَه مُوسَى ([1]) بنُ عبدِ الرَّحْمَنِ الصَّنعانِيُّ صاحِبُ «التفسير» بإسنادِهِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ مَرفُوعًا أنَّهُ قالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُوعِيَهُ اللهُ حِفْظَ القُرْآنِ وَحِفْظَ أصْنَافِ العِلْمِ فلْيَكْتُبْ هَذَا الدُّعَاءَ في إِنَاءٍ نَظِيفٍ أو في صُحُف قوارير بعَسَلٍ وزَعْفَرانَ ومَاءِ مَطَرٍ ولْيَشْرَبْهُ عَلَى الرِّيقِ، وليَصُمْ ثلاثَةَ أيَّامٍ، وليكن إفطَارُه عَلَيْهِ ويدْعُو به في أدْبَارِ صلَواتِه: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بأنَّكَ مَسئولٌ لَمْ يسألْ مِثْلُكَ ولا يسأل، وأسألك بحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّك وإِبْرَاهيم خَلِيلك ومُوسَى نَجيّك، وعِيسَى رُوحك وكَلِمَتك ووجِيهك»...، وذكر تمَامَ الدُّعَاءِ.
([1])انظر: المجروحين لابن حيان (2/ 242).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد