ملزوماته، وإِذَا أخبر بنفيِ شيءٍ لَمْ
يُثْبِتْهُ بل ينفِيه أو ينْفِي لَوازِمَه، بخلافِ القولِ المختلفِ الَّذِي ينقُضُ
بعضُه بعضًا فيثبِتُ الشَّيءَ تارةً وينْفِيهِ أُخْرَى، أو يأمرُ به وينهى عَنه في
وَقتٍ وَاحِدٍ ويفرقُ بَيْنَ المتماثِلَيْنِ فيمدحُ أحدَهُما ويذُمُّ الآخرَ،
فالأقوالُ المختلفةُ هنا هي المتضَادَّةُ والمتشابِهَةُ هي المُتوافِقَةُ، وَهَذَا
التَّشابُهُ يَكُونُ في المعاني وإن اختَلَفَتِ الألفاظُ: فإِذَا كَانَتِ المعَاني
يوافِقُ بعضُها بعضًا، ويعضدُ بعضُها بعضًا، ويناسِبُ بعضُها بعضًا ويشهدُ بعضُها
لِبَعْضٍ ويقتضي بعضُها بعضًا كَانَ الكلامُ متشابهًا؛ بخلافِ الكلامِ المتناقضِ
الَّذِي يضاد بعضُه بعضًا، فهَذَا التَّشابُهُ العامُّ لا يُنَافِي الإحكامَ
العامَّ، بل هُوَ مصدِّقٌ لَهُ؛ فإِنَّ الكلامَ المُحكَمَ المُتقَنَ يُصَدِّقُ
بعضُه بعضًا.
ثُمَّ تكلَّمَ الشَّيخُ رحمه الله عَنِ الإحكامِ الخَاصِّ فقَالَ: الإحكامُ الخاصُّ ضدُّ التَّشابُهِ الخاصِّ، والتشَابُهُ الخَاصُّ هُوَ مُشَابهةُ الشَّيءِ لغَيرهِ من وَجْهٍ مع مخَالفَتِه لَهُ من وجْهٍ آخرَ، بحيثُ يَشتَبِهُ عَلَى بَعْضِ النَّاس أنَّهُ هُوَ أو هُوَ مثله، ولَيْسَ كَذَلِكَ، والإحكامُ هُوَ الفصلُ بينهما بحيثُ لا يشتَبِهُ أحدُهُمَا بالآخرِ، وَهَذَا التشابُهُ إِنَّمَا يَكُونُ بقدْرٍ مشتَركٍ بَيْنَ الشَّيئينِ مع وجودِ الفاصِلِ بينَهُمَا، ثُمَّ مِنَ النَّاسِ من لا يَهتَدِي للفَصْلِ بينهما فيكونُ مُشتَبهًا عَلَيْهِ، ومنهم من يَهتَدِي إِلَى ذَلِكَ، فالتَّشابُهُ الَّذِي لا يتمَيَّزُ معه قد يَكُونُ مِنَ الأمورِ النِّسبيَّةِ الإضافِيَّةِ، بحيثُ يشتبه عَلَى بَعْضِ النَّاس دُونَ بَعْضٍ، ومثل هَذَا يعرفُ منه أهلُ العلمِ ما يزيلُ عنهم هَذَا الاشتباهَ، كَمَا إِذَا اشتبه عَلَى بَعْض النَّاسِ ما وُعِدُوا به في الآخِرَةِ بما يشْهَدُونه في الدُّنْيَا فيظنُّ أنَّهُ مثله، فعلم العُلَمَاء أنَّهُ لَيْسَ مثلَه، وإن كَانَ مُشبَّهًا لَهُ من بَعْض الوجوهِ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد