وإذا كان المسلم
مُتأوِّلاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك، كما قال عمر بن الخطاب لحاطب بن
أبي بَلْتَعَةَ: يا رسول الله، دعني أضرب عُنُق هذا المنافق! فقال صلى الله عليه
وسلم : «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا
وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ
فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ؟!»وهذا في «الصحيحين»
([1]).
وفيهما أيضًا
من حديث الإفك: أن أُسَيد بن الحُضَير قال لسعد بن عُبَادة: إنك منافق تجادل عن
المنافقين ([2])! واختصم الفريقان؛ فأصلح النَّبيّ صلى الله عليه وسلم
بينهم.
فهَؤُلاء البدريون
فيهم من قال لآخر منهم: إنك منافق، ولم يُكَفِّر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لا
هذا ولا هذا، بل شهد للجميع بالجنة.
وكذلك ثبت في «الصحيحين»
عن أسامةَ بن زيد أنه قتل رجلاً بعد ما قال: لا إله إلاَّ الله: وعَظَّم النَّبيّ
صلى الله عليه وسلم ذلك لمّا أخبره، وقال: «يَا
أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ.!» وكرر ذلك
عليه حتَّى قال أسامةُ: «(تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إلاَّ
يَوْمَئِذٍ») ([3])، ومع هذا لم يُوجِب عليه قَوَدًا ولا دِيَةً ولا كفارة؛
لأنه كان مُتأوِّلاً، ظن جواز قتل ذلك القائل لظنه أنه قالها تَعَوُّذًا.
فهكذا السلف قاتل بعضهم بعضًا من أهل الجَمَل وصِفِّينَ ونحوه، وكلهم مسلمون مؤمنون كما قال تعالى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ
([1])أخرجه: البخاري رقم (3007)، ومسلم رقم (2494).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد