والاضطراب، يقال: رابني يَرِيبُني، ومنه في
الحديث أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مر بظَبْي واقِف فقال: «لاَ يَرِيبُهُ أَحَدٌ» ([1]).
ثم اليقين
ينتظم منه أمران: علم القلب، وعمل القلب؛ فإن العبد قد يعلم علمًا جازمًا بأمرٍ،
ومن هذا قد يكون في قلبه حركة واخْتِلاج من العمل الذي يقتضيه ذلك العلم؛ كعلم
العبد أن الله رب كل شيء ومليكه ولا خالق غيره، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم
يكن، فهذا قد تصحبه الطمأنينة إلى الله والتوكل عليه، وقد لا يصحبه العمل بذلك،
إما لغفلة القلب عن هذا العلم - والغفلة هي ضد العلم التام وإن لم تكن ضِدًّا لأصل
العلم - وإما للخواطر التي تُنسخ في القلب من الالتفات إلى الأسباب، وإما لغير
ذلك.
وفي الحديث المشهور الذي رواه أبو بكر عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سَلُوا اللهَ الْيَقِينَ، وَالْعَافِيَةَ، فَإِنَّمَا أُوتِيَ عَبْدٌ بَعْدَ يَقِينٍ خَيْرٌ مِنَ الْعَافِيَةِ، فَسَلُوهُمَا اللهَ» ([2]) فأهل اليقين إذا ابْتُلُوا ثَبَتُوا بخلاف غيرهم؛ فإن الابتلاء قد يُذْهِب إِيمَانه أو يُنْقُصُه، قال تعالى: {وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بَِٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24] ، ألاَّ ترى إلى قوله تعالى: {ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173] ، فهذه حال هَؤُلاء، وقال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ
([1])أخرجه: مالك رقم (781)، والنسائي في «الكبرى» رقم (2818) وابن حبان رقم (5111).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد