يريد الشيخ رحمه الله أنهم إذا لم يجعلوا رأيهم
المخطئ دِينًا يتعصبون له فإنهم تُرْجَى لهم المغفرة التي وعد الله بها من أخطأ من
غير قصد.
قال الشيخ:
ولهذا وقع في مثل هذا كثيرٌ من سلف الأمة وأئمتها، لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي
تخالف ما ثبت في الكتاب والسُّنة، بخلاف من والى مُوَافِقَه وعادى مُخَالِفَه
وفَرَّق بين جماعة المسلمين، وكَفَّر وفَسَّق مُخَالِفَه دون مُوَافِقَه من مسائل
الآراء والاجتهادات، واستحلَّ قتال مُخَالِفَه دون مُوَافِقَه؛ فهَؤُلاء من أهل
التفرُّق والاختلافات.
ولهذا كان أولَ
من فارق جماعة المسلمين من أهل البدع الخوارجُ المارقون، وقد صح الحديث في الخوارج
عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه؛ خرَّجها مسلم في «صحيحه» وخرَّج
البخاري منها غير وَجْه، وقد قاتلهم أصحاب النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مع أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب؛ فلم يختلفوا في قتالهم كما اختلفوا في قتال الفتنة يوم
الجَمَل وصِفِّينَ؛ إذ كانوا في ذلك ثلاثةُ أصناف: صِنف قاتلوا مع هَؤُلاء، وصِنف
قاتلوا مع هَؤُلاء، وصِنف أمسكوا عن القتال وقعدوا.
وجاءت النصوص بترجيح هذه الحال؛ فالخوارج لما فارقوا جماعة المسلمين وكفروهم واستحلوا قتالهم جاءت السُّنة بما جاء فيهم كقوله صلى الله عليه وسلم : «يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (3611)، ومسلم رقم (1066).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد