×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

وعماد الدين الذي لا يقوم إلاَّ به هو الصلوات الخمس المكتوبات، ويجب على المسلمين الاعتناء بها ما لا يجب من الاعتناء بغيرها، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عُمَّاله: إن أهم أمركم عندي الصلاة؛ فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشد إضاعة ([1])، وهي أول ما أوجبه الله من العبادات.

والصلوات الخمس تَوَلَّى الله إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المِعْرَاج، وهي آخر ما وَصَّى به النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أُمَّته وقت فِرَاق الدنيا؛ جعل يقول: «الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» ([2])، وهي أول ما يُحاسَب عليه العبدُ من عمله، وآخر ما يُفقد من الدِّين؛ فإذا ذهبت ذهب الدِّين كله، وهي عمود الدين؛ فمتى ذهبت سقط الدين، قال صلى الله عليه وسلم : «رَأْسُ الأَْمْرِ الإِْسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» ([3]).

وقد قال الله تعالى في كتابه: {فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا [مريم: 59] ، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره: إضاعتها تأخيرها عن وقتها، ولو تركوها كانوا كفارًا، وقال تعالى: {حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ [البقرة: 238] ، والمحافظة عليها فِعْلُها في أوقاتها، وقال تعالى: {فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ٤ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ ٥ [الماعون: 4- 5] ، وهم الذين يؤخروها حتَّى يخرج الوقت، وقد اتفق المسلمون على أنه لا يجوز تأخير صلاة النهار إلى الليل ولا تأخيرُ صلاة الليل إلى النهار،


الشرح

([1])أخرجه: مالك رقم (6).

([2])أخرجه: ابن ماجه رقم (1625)، النسائي رقم (7094)، وأحمد رقم (12169).

([3])أخرجه: الترمذي رقم (2616)، ابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22068).