وذَلِكَ أنه مُوافِقٌ لما أَنْزلَ اللهُ عَلَيهِ مِنَ الرَّجْمِ وقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ» ([1])، ولهَذا قالَ ابنُ عبَّاسٍ في قولِه: {إِنَّآ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِيهَا هُدٗى وَنُورٞۚ يَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسۡلَمُواْ﴾ [المائدة: 44] ؛ قال: محمدٌ صلى الله عليه وسلم منهم وهو لَمْ يَحْكُم إلاَّ بِمَا أَنْزَل اللهُ عَلَيهِ؛ كما قال: {وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُُ﴾ [المائدة: 49] ، ثُمَّ بَيَّنَ الشيخُ مَا يُقَابَلُ به تَحريفُهم وتَحَايُلُهم بأنْ يُطلبَ مِنهم إحضارُ أصلِ التَّوراةِ وتِلاوَتِها، كما قال سبحانه: {كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلّٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ قُلۡ فَأۡتُواْ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [آل عمران: 93] ؛ فأُمِرَنا أن نَطْلُبَ منهم إحْضَارَ التوراةِ وتِلاوَتِها إِن كانُوا صَادِقينَ في نَقلِ ما يُخالِفُ ذلك؛ فإنَّهم كانُوا: {يَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ [آل عمران: 78] ، {يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 79] ، ويَكذِبونَ فِي كَلامِهِم وكِتَابِهِم، فَلِهَذا لا تُقْبَلُ الترجَمَةُ إلاَّ مِن ثِقَةٍ؛ فَإذِا احْتَجَّ أحَدُهُم على خِلافِ القُرآنِ بِرِوايةٍ عنِ الرسُلِ المُتَقَدِّمينَ مثلُ الذي يُروَى عَن مُوسَى أنه قَالَ: «تمسكوا بالسبت ما دامت السماوات والأرض»، أمْكَنَنَا أَنْ نَقُولَ لَهُم: فِي أيِّ كِتَابٍ هَذا؟ أَحْضِرُوه! وقد عَلِمنا أَنَّ هَذا لَيْسَ فِي كُتُبِهم وإنَّما هُو مُفْتَرًى مَكذُوبٌ، وإِنْ ذَكَرُوا حُجَّةً عَقْلِيَّةً فُهِمَت أيضًا؛ ممَّا فِي القُرآنِ بِرَدِّهَا إليهِ، مثلُ إِنْكَارِهِم للنَّسْخِ بِالعَقْلِ، حتَّى قَالُوا: لا يَنْسَخُ ما حرَّمه ولا يَنْهَى عَمَّا أَمَرَ بِه، فقالَ تَعَالَى: {سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ﴾ [البقرة: 142] ، قال البَرَاءُ بنُ عازِبٍ - كما في الصحِيحَينِ - :
([1])أخرجه: مسلم رقم (1700).