×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

عَنهم يَدلُّ عَلَى حَقٍّ أو بَاطِلٍ، ولا لأنَّ قَولَهُم مُكَابَرةٌ للعَقلِ أو مَعلومٌ بِضَرُورَةِ العَقلِ أو بِبَدِيهَتِهِ فَسَادُهُ.

ومِن المَعلومِ أنَّ مُجَرَّدَ نُفُورِ النافِرينَ أو مَحَبَّةِ المُوافِقينَ لا يَدُلُّ علَى صِحَّةِ قَولٍ ولا فَسَادِهِ إلاَّ إِذَا كَانَ ذلكَ بِهُدًى مِن اللهِ، بل الاستِدلاَلُ بِذلكَ هُو اسْتِدلاٌَل باتِّبَاعِ الهَوَى بِغيرِ هُدًى مِن اللِه؛ فإن اتِّبَاعَ إنسانٍ لِمَا يَهْوَاه هُو أخْذُ القولِ والفِعلِ الذي يُحِبُّه، وردُّ القَولِ والفِعلِ الذي يُبْغِضُه بِلا هُدًى مِن اللهِ، قال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرٗا لَّيُضِلُّونَ بِأَهۡوَآئِهِم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ [الأنعام: 119] ، فَمَنِ اتَّبَعَ أهْوَاءَ الناسِ بعدَ العِلمِ الذي بَعَثَ اللهُ به رَسُولَهُ وبَعْدَ هُدَى اللهِ الَّذِي بَيَّنَه لِعَبَادِه فَهُو بِهَذِه المَثَابَةِ؛ ولِهَذا كانَ السلفُ يُسمُّون أهلَ البِدَعِ والتفرُّقِ المُخَالِفينِ للكِتَابِ والسُّنَّةِ أهلَ الأهْوَاءِ حَيثُ قَبِلُوا مَا أَحَبُّوه، ورَدُّوا مَا أَبْغَضُوا بِأَهْوَائِهِم بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللهِ.

وأمَّا قَولُ أَبِي الفَرَجِ: - كأنَّهُم يُخَاطِبُون الأطفالَ - فلم تُخَاطِب الحَنَابِلَةُ إلاَّ بما وردَ عنِ اللهِ ورَسُولِهِ وأصْحَابِه والتابعينِ لَهُم بإحْسَانٍ، الذينَ هُم أَعْرَفُ باللهِ وأحْكَامِه وسلَّمنا لَهم أَمْرَ الشريعَةِ وهُم قُدوَتُنَا فِيما أَخْبَرُوا عَنِ اللهِ وشَرعِهِ، وقد أَنْصَفَ مَن أَحَالَ عَلَيهِم، وقد شَاقَقَ مَن خَرَجَ عَنْ طَرِيقِهِم وادَّعَى أَنَّ غَيرَهم أعْلَمُ بِاللهِ مِنهُم، أو أنَّهُم عَلِمُوا وكَتَمُوا وأنَّهُم لم يَفْهَمُوا ما أُخْبِروا بِه، أو أَنَّ عَقْلَ غَيْرِهِم فِي بَابِ مَعرِفَةِ اللهِ أتمُّ وأكَمَلُ وأَعْلَمُ مِمَّا نَقَلُوه وعَقِلُوه.

وقالَ الشيخُ رحمه الله الأَقْوَالُ نَوعَانِ: أقوالٌ ثَابِتَةٌ عَنِ الأَنْبياءِ فَهِي مَعْصُومَةٌ يَجِبُ أَن يَكُونَ مَعْنَاها حَقًّا عَرَفَه مَن عَرَفَه وجَهِلَه مَن جَهِلَهُ، والبحْثُ عَنْهَا إنَّما هُو عَمَّا أرادَتْهُ الأَنْبِيَاءُ؛ فَمَن كَانَ مقصودُهُ مَعْرِفَةَ مُرَادِهِم مِنَ الوَجْهِ الذَّي يَعْرِفُ مُرَادَهُم فَقد سَلَكَ طَرِيقَ الهُدَى، ومَنْ


الشرح