×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 وتَجِدُ وقيعةَ هؤُلاءِ فِي أَئمَّةِ السُّنَّةِ وهُداةِ الأُمَّةِ مِن جِنْسِ وقِيعةِ الرَّافِضةِ ومَن مَعَهُم من المُنافِقين فِي أبِي بكرٍ وعمرَ وأَعْيَانِ المُهَاجِرينَ والأنْصَارِ، ووقِيعَةَ اليَهُودِ والنصارَى ومَنْ تَبِعَهُم مِن مُنَافِقِي هذه الأُمَّةِ مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ووقِيعةِ الصَّابِئةِ والمُشرِكينَ مِنَ الفَلاسِفَةِ وغَيرِهِم مِنَ الأنبياءِ والمُرسَلِينَ وأهلِ العِلمِ والإيمانِ ما فيهِ عِبرةٌ للمُعْتَبِرِ وبيِّنةٌ للمُسْتَبْصِرِ وموعظة للمُتَهَوِّكِ المُتَحَيِّرِ، وتَجِدُ عامَّةَ أهلِ الكَلامِ ومَن أَعْرَضَ عَن جَادَّةِ السَّلَفِ - إلاَّ مَنْ عَصَمَ اللهُ - يُعَظِّمُونَ أَئِمَّةَ الاتِّحادِ بَعْدَ تَصْرِيِحهم فِي كُتُبِهِم بِعَبَارَاتِ الاتِّحَادِ، ويَتَكَلَّفُون لَهَا مَحامَلَ غيرَ ما قَصَدُوه، ولَهُم فِي قُلوبِهم مِنَ الإجْلالِ والتعظيمِ والشَّهَادَةِ بالإمَامَةِ والوِلايةِ لهم وأنَّهم أهلُ الحَقَائقِ ما اللهُ به عَليمٌ؛ هذا ابنُ عَرَبيٍّ يُصَرِّحُ في«فصوصه»: أنَّ الوِلايةَ أعْظَمُ مِنَ النُّبوَّةِ، بل أكْمَلُ مِنَ الرِّسالَةِ، ومِن كَلامِهِ:

مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخِ

 

فُوَيقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِيِّ

وَبَعْضُ أَصْحَابِه يَتَأَوَّلُ ذَلكَ بِأنَّ وِلايةَ النبيِّ أفضَلُ مِن نُبُوَّتِه، وكَذَلكَ وِلايَةُ الرسُولِ أفضَلُ مِن رِسَالَتِهِ، أو يَجْعَلُونَ وِلايَتَهُ حَالَهُ معَ اللهِ ورِسَالَتَهُ حَالَهُ معَ الخَلقِ.

وهذا مِن بَلِيغِ الجَهْلِ؛ فإنَّ الرَّسُولَ إذا خَاطبَ الخَلقَ وبَلَّغَهم الرِّسالةَ لَم يُفَارقِ الوِلايَةَ، بلْ هُو وليُّ اللهِ فِي تلكَ الحَالِ؛ كما هُو وَلِيُّ اللهِ فِي سَائِرِ أحوالِه؛ فإنَّه ولِيُّ اللهِ ليسَ عَدُوًّا له فِي شِيءٍ مِن أَحْوَالِه، وليسَ حَالُه فِي تَبليغِ الرِّسالةِ دُونَ حَالهِ إذا صلَّى ودَعَا اللهَ ونَاجَاهُ، وأيضًا فما يَقُولُ هذا المُتَكَلِّفُ فِي قولِ هذا المُعَظِّم - يعني ابنَ عَرَبِيٍّ - إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِنَةٌ مِن فِضَّةٍ، وهو - أي ابنُ عَرَبِي - لَبِنَتَانِ مِن ذَهبٍ


الشرح