فأمَّا غَيرُ
ما ذَكَرْنَاه مِن الأَئِمةِ فلم يَنْتَحِلْ أَحَدٌ مَذهَبَهُم فَلِذَلكَ لم
نَتَعرَّضْ للنقلِ عَنهُم، ثُم ذَكَرَ كَثِيرًا مِن نُصُوصِ الأَئِمَّةِ فِي
إثبَاتِ الصِّفَاتِ، ثُم عَلَّق عَلَى ذلكَ شيخُ الإسلاَمِ بِقَولِه والعَجَبُ
أنَّ هَؤلاءِ المُتَكَلِّمينَ إذا احتجَّ عَلَيهم بِمَا فِي الآياتِ والأَحَادِيثِ
مِنَ الصِّفَاتِ، قال: قالَتِ الحَنَابِلَةُ: إن اللهَ كَذَا وكَذَا بِمَا فيه
تَشْنِيعٌ وتَرويجٌ لِباطِلِهِم، والحَنَابِلةُ اقْتَفَوا أَثَر السَّلَفِ
وسَارُوا بِسَيْرِهِم ووقَفُوا بِوقُوفِهم بِخِلافِ غَيرِهِم.
ثُمَّ قال الشَّيخُ عَمَّا يَقُولُه أَهلُ الضَّلاَلِ مِن تَلقِيبِ أَهلِ الحَقِّ بالأَْلْقَابِ القَبِيحَةِ والتَّشْنِيعِ عَلَيهِم: إِنَّ هَذَا الكَلاَمَ ليسَ فيهِ مِن الحُجَّةِ والدِّليلِ ما يَسْتَحِقُّ أن يُخَاطَبَ به أَهلُ العِلمِ؛ فإنَّ الردَّ بِمُجَرَّدِ الشَّتْمِ والتَّهويلِ لا يَعْجِزُ عنه أَحَدٌ، والإنْسَانُ لو أنه يُنَاظِرُ المُشرِكينَ وأَهْلِ الكِتَابِ لكَان عَليهِ أَن يَذْكُرَ مِن الحُجَّةِ ما يُبَيَّنُ بِه الحَقَّ الَّذِي مَعَهُ والبَاطِلَ الَّذِي مَعَهُم، فَقد قَال اللهُ عز وجل لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم : {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125] ، وقال تعالى: {وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ﴾ [العنكبوت: 46] ، فلو كانَ خَصْمُ مَن يَتَكَلَّمُ بِهذا الكَلامِ، سَوَاءٌ كانَ المُتَكَلِّمُ به أبو الفَرَجِ أو غَيرُه مِن أَشْهَرِ الطَّوَائفِ بِالبِدَعِ كَالرَّافِضَةِ؛ لكانَ يَنْبَغِي أَن يَذكُرَ الحُجَّةَ ويَعْدَلَ عمَّا لا فَائِدَةَ فِيه إِذ كَانَ فِيهِ مَقَامُ الردِّ عَلَيهِم، ادَّعَى والمُنازِعُون له - كما ادَّعَاه - هُم عندَ جَميعِ النَّاسِ أَعلَمُ منه بالأُصُولِ والفُرُوعِ، وهُو فِي كَلامِهِ ورَدِّهِ لَم يَأتِ بِحُجَّةٍ أَصْلاً؛ لا حُجَّةً سَمْعِيَّةً ولا عَقلِيَّةً، وإنما اعتَمَد تَقلِيدَ طَائِفةٍ مِن أَهلِ الكَلامِ قَد خَالَفَها أكثرُ مِنهَا مِن أَهْلِ الكَلاَمِ فَقَلَّدَهُم فِيمَا زَعَمُوا أنَّهُ حُجَّةٌ عَقلِيَّةٌ، ومَن يَرُدُّ عَلَى النَّاسِ بِالمَعْقُولِ إِنْ لَم يُبَيِّنْ حُجَّةً عَقلِيَّةً وإلا كانَ قد أَحَالَ النَّاسَ عَلَى المَجْهُولاتِ؛ كَمَعْصُومِ الرَّافِضَةِ وغَوثِ الصُّوفِيَّةِ، انتهى المَقْصُودُ مِن كَلاَمِ الشَّيخِ رحمه الله .