الخطبة
الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله
وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله واعتبروا بما
قصَّه الله سبحانه وتعالى من قصص موسى وفرعون فإن في ذلك العبرة والعظة، فهذا
فرعون أُوتي من القوة ومن الجبروت ومن الرهبة ومن الهيبة ما غرَّه بالله عز وجل
وغرَّ أتباعه واستضعف المؤمنين، فكانت الدائرة عليه والعاقبة للمتقين، وهذا في كل
زمانٍ ومكانٍ. إن الحق لا بد أن ينتصر، وإن الباطل لا بد أن ينحدر مهما بلغ الباطل
من العتو ومهما بلغ الباطل من القوة فإن الله يدمره، وإن الله سبحانه وتعالى يزيله
وتكون العاقبة للتقوى دائمًا وأبدًا ولكن بعد الامتحان ليظهر المؤمن الصابر من
المؤمن ضعيف الإيمان، أو المنافق، ثم إن موسى عليه السلام لما أنعم الله عليه بهذه
النعمة العظيمة شكر الله عليها فصام هذا اليوم، وكان ذلك في اليوم العاشر من شهر
الله المحرم، ويسمى يوم عاشوراء وهو اليوم الذي أعزَّ الله فيه موسى وقومه، وأذلَّ
فرعون وقومه، فشكر موسى ربه عز وجل فصام هذا اليوم وصامه قومه من بعده، وهكذا
الأنبياء وأتباعهم يشكرون الله عز وجل على نعمه ولا يبطرون ولا يفخرون، فالمناسب
في مثل هذه الحالة شكر الله وعبادته وإظهار الافتقار إليه سبحانه وتعالى، لا الفخر
ولا الخيلاء ولا التعاظم كما يفعله كثيرٌ من الجبابرة والطغاة إنهم يعتبرون الأيام
التي ينتصرون فيها أيام فخرٍ وخيلاءٍ، وأما أهل الإيمان فيعتبرون هذه الأيام أيام
نعمةٍ ويشكرون الله جل وعلا عليها، فمن ذلك أن موسى عليه السلام
الصفحة 1 / 521
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد