الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيُّها الناس، اعلموا أن عمل المسلم لا ينتهي إلا بالموت، قال
الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ﴾ [الحجر: 99] فليست العبادة مقصورةٌ على شهر
رمضان، وإنما شهر رمضان يزيد في اجتهادهم وما كان خروجه ينقص من اجتهادهم، كانوا
يسألون الله ستة أشهرٍ أن يبلغهم رمضان ثم يسألونه ستة أشهرٍ أن يتقبل منهم رمضان،
كانوا يبكون عند نهاية الشهر؛ لأنهم لا يدرون هل تقبلت أعمالهم أم لا؛ لأن الله جل
وعلا يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27]، ويقول سبحانه: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ
إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ ٦٠ أُوْلَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ
وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ ٦١﴾
[المؤمنون: 60، 61]، يا من تعودتم على الصيام اجعلوا لكم نصيبًا منه في سائر السنة
من الأيام التي يستحب صيامها، يا من تعودتم على قيام الليل اجعلوا لكم نصيبًا من
قيام الليل تداومون عليه، وإن قلّ. فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلَّ. يا من
تعودتم تلاوة القرآن في هذا الشهر المبارك، لا تقطعوا صلتكم بالقرآن بعد نهاية شهر
رمضان بل داوموا على تلاوته، وأقبلوا على تلاوته وتدبره فإنه هو صراط الله
المستقيم وحبل الله المتين، هو الهدى والنور ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقۡوَمُ﴾
[الإسراء: 9]،
الشرح