في الموعظة
والاعتبار
الحمد لله العزيز الغفار. جعل في تعاقب الليل والنهار عبرةً لأولي الأبصار،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار وسلم
تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى واعتبروا فيما بين أيديكم من
العبر والعظات فإن الله سبحانه وتعالى نصب لكم من العبر والمواعظ ما به يتذكر من
يتذكر وينيب إليه سبحانه من أناب، وأول ما بين أيديكم من العبر والعظات كتاب الله،
القرآن العظيم وما تضمنه من أخبار الماضين، وأخبار المستقبل، قصَّ عليكم من نبإ
الأمم السابقة ما كأنكم حضرتم وقوعه وقصَّ عليكم من أخبار المستقبل في الدنيا
والآخرة ما كأنكم تشاهدونه. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [ق: 45]، وقال سبحانه: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ
لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [ص: 29]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ﴾ [غافر: 13] فهذا القرآن العظيم إذا تدبره المسلم
وجد فيه من القصص والأخبار والعبر والعظات ما لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى،
فالمؤمن ينتفع بذلك، ويستيقظ ويتوب إلى الله، ويتزود من الأعمال الصالحة لئلا يحصل
له ما حصل لأولئك الذين قصَّ الله عنهم وأخبر عنهم في الماضي، ولأجل ألا يقع في
المحاذير والمهالك في المستقبل، ومن العبر والعظات التي تجري بين أيدينا ليلاً
ونهارًا الموت الذي به تنتهي حياة
الشرح