الخطبة
الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله سبحانه وتعالى،
واعلموا أن الناس إذا ضيعوا العمل بكتاب الله ضيعوا أنفسهم قال سبحانه: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦ وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم
مُّهۡتَدُونَ ٣٧﴾ [الزخرف: 36، 37]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ
فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ ١٢٣ وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن
ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ
١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ
ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَنۡ
أَسۡرَفَ وَلَمۡ يُؤۡمِنۢ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِۦۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَدُّ
وَأَبۡقَىٰٓ ١٢٧﴾ [طه: 123- 127]، فلما ترك كثيرٌ من الناس العمل بكتاب الله، وترك الحكام
تحكيمه بين الناس فيما شجر بينهم أورث ذلك لهم ضلالاً في سلوكهم، وعمى في بصائرهم،
وخرابًا في ديارهم، وضياعًا لجميع أمورهم، ولن يرجع لهم عزهم ولن يرجع لهم دينهم،
ولن ترجع لهم السعادة في الدنيا والآخرة إلا إذا رجعوا إلى كتاب الله وسنة رسول
الله، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم في كل خطبةٍ: «إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ
كِتَابُ اللهِ، وخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ
الأُْمُورِ
الصفحة 1 / 521
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد