×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

 في التحذير من آفات اللسان

الحمد لله رب العالمين.﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ ٣ عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ ٤ [الرَّحمن: 3-4]، وحذَّره من آفات اللسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

·        أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله تعالى وتحفَّظُوا من حصائد ألسنتكم، واعلموا أن كلامكم محصى عليكم ومكتوبٌ في دواوينكم، قال تعالى: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ [ق: 18]، الملائكة تكتب ما يصدر منكم من أعمالٍ وأقوالٍ، ولا ينسون شيئًا، ولا يمهلون شيئًا ﴿وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا [الكهف: 49]، واعلموا أن خطر الكلام عظيمٌ قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ» ([1])، قال رجلٌ ممن كان قبلنا لأخيه لما رآه على المعصية بعد أن نهاه عنها ولم ينته، قال: «وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لِفُلاَنٍ، قَالَ اللهَ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ، إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ له، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» ([2]). قال أبو هريرة رضي الله عنه راوي هذا الحديث: تكلم بكلمةٍ أوبقت


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6113).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2621).