والفتن تنقسم إلى قسمين: فتن شبهاتٍ، وفتن شهواتٍ، فتن الشبهات تكون في العقيدة وتجر إلى الكفر والشرك، كفتنة الغلو في الأنبياء والأولياء والصالحين والغلو في القبور، وكم وقع في هذه الفتنة من أممٍ في الماضي والحاضر، وهذا أخطر الفتن، قد خافها إبراهيم الخليل على نفسه فقال: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ ٣٥ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٦﴾ [إبراهيم: 35، 36]، وقال نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» فقيل له في ذلك فقال: «وَمَا يُؤَمِّنُنِي وَقُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرحمن، إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَّبَهُ» ([1]). وفي دعاء الراسخين في العلم ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8]، ومنها فتن البدع والمحدثات. وأما فتنة الشهوات فإنها تؤثر على الأخلاق والسلوك والأعراض كشهوة الفرج وشهوة البطن وشهوة جمع المال، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ([2]) بمعنى أن ارتكاب هذه الجرائم ينقص إيمانه، ويضعفه إضعافًا بيِّنًا، وقد يزيله بالكلية ويجره إلى الكفر، وكذلك حب المال قد يجر صاحبه إلى ارتكاب الكبائر من الكذب والغش والأيمان الفاجرة، بل ربما يتخلى عن دينه بالكلية لأجل الحصول على المال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بَادِرُوا بِالأَْعْمَالِ فِتَنًا
([1]) أخرجه: أحمد رقم (26133)، وأبو يعلى رقم (4669)، والآجري في « الشريعة » رقم (733).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد