×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

 الصالح يدعون الله ستة أشهرٍ أن يبلغهم رمضان، فإذا بلغهم إياه واجتهدوا فيه سألوا الله ستة أشهرٍ أن يتقبله منهم، وهؤلاء هم الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ ٦٠ أُوْلَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ ٦١ [المؤمنون: 60، 61] إن عبادة الله ليست محدودة في شهر رمضان بل كل حياة المسلم وقتٌ ثمينٌ لعبادة الله عز وجل والتزود بالأعمال الصالحة، وما شهر رمضان إلا زيادة خيرٍ للمسلم، وغنمٌ يغتنمه المسلم وإلا فإن العمل لا ينقضي بانقضاء شهر رمضان قال الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ [الحجر: 99] أي استمر في العبادة حتى يأتيك الموت، فلم يجعل لعمل المسلم غايةً دون الموت، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَث: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1])، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن ابن آدم لا ينقطع عمله إلا بالموت فالذين يظنون أن عبادة الله مقصورةٌ على شهر رمضان فيجتهدون في شهر رمضان فإذا انتهى رمضان عادوا إلى الكسل، وتضييع الواجبات وفعل المحرمات هؤلاء إنما يعبدون الله في شهرٍ واحدٍ، وهذه العبادة لا تنفعهم؛ لأنها ليس لها أصلٌ ولا فرعٌ.

قيل لبعض السلف: إن قومًا يجتهدون في شهر رمضان بالعبادة فإذا انتهى شهر رمضان تركوا العمل فقال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في شهر رمضان! إن ربَّ الشهور واحدٌ وهو مُطَّلعٌ على العباد وشاهدٌ فيجب على المسلم أن يواصل العمل الصالح وأن يتقي الله في حياته وأن يسأل الله حسن الختام والوفاة على الإسلام، يا من تعودتم في شهر رمضان


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1631).