فيكون كمن عمل عملاً صالحًا في ألف شهرٍ ويكون قد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتحراها في هذه الليالي المباركة ويأمر بتحريها، ومعنى يتحراها، أنه كان يجتهد في الطاعة والعبادة في هذه الليالي لعله أن يصادفها فيحصل على هذا الوعد الكريم من ربٍّ رحيمٍ، ومن مزايا هذه العشر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فيها بمعنى أنه كان يمكث في المسجد ولا يخرج إلا للحاجة التي لا بد منها ثم يعود، يجلس في المسجد وفي مكانٍ منعزلٍ يتفرَّغ فيه لعبادة ربه عز وجل ويقبل على الطاعة من صلاةٍ وذكرٍ وتلاوةٍ للقرآن، فهذا دليلٌ على مزية هذه العشر أن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته خصَّها بالاعتكاف، وهو لزوم المسجد لطاعة الله سبحانه وتعالى، إنها عشرٌ عظيمةٌ، عشرٌ مباركةٌ وهي غنيمةٌ للمسلم الذي يوفقه الله سبحانه وتعالى لمعرفة قدرها واغتنام فضلها، وأما المحروم فإنها تمر عليه هي وغيرها من مواسم الخير ولا يلقي لها بالاً ولا يرفع بها رأسًا؛ لأنه همه نيل شهواته في هذه الدنيا ولا يفكر في مستقبله ولا يفكر في الآخرة، فهذا هو المحروم الذي تكون حياته عليه وبالاً وعما قليلٍ سيندم، فإنه لا يبقى للإنسان من هذه الدنيا إلا ما قدمه من الأعمال الصالحة، وأما المتع والملذات، وأما الأموال، وأما الجاه، وأما الشرف وأما، وأما فكله ينقطع. قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَث: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1]) وقال صلى الله عليه وسلم: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى الثَّالِثُ، يَرْجِع أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ» ([2]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1631).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد