وإن لم يكن معه شيءٌ من القرآن، فإنه يحمد الله ويكبره ويسبحه ويهلله ثم يركع لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ قُرْآنٌ، فَاحْمَدِ اللهَ، وَهَلِّلْه وَكَبِّرْه، ثُمَّ ارْكَعْ» ([1])، فدل هذا على أن الصلاة لا تُترَك بحالٍ وإنما يصليها المسلم على حسب حاله لقوله تعالى: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ([2])، فهذه سورةٌ عظيمةٌ، يجب على كل مسلمٍ ذكرٍ كان أو أنثى أن يتعلمها، ويجيد ويتقن قراءتها في صلاته؛ لأنه لا تصح صلاته بدونها مع الاستطاعة ومع القدرة، وقد اختلف العلماء هل تجب قراءتها على المأموم بعد اتفاقهم وإجماعهم على أنه تجب قراءتها على الإمام والمنفرد. فبعضهم يرى أن قراءة الإمام تكفي والمأموم يستمع لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، نزلت هذه الآية في الصلاة كما يقول الإمام أحمد رحمه الله. وبعض العلماء يرى أن قراءتها واجبةٌ على كل مصلٍّ من الإمام والمأموم والمنفرد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ([3]) ولعل القول الراجح إن شاء الله أنه إن كانت الصلاة جهريةً والإمام يجهر بقراءة الفاتحة فإن على المأموم أن يستمع عملاً بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (302)، والنسائي في « الكبرى » رقم (1631)، والطيالسي رقم (1469).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد