×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

الشهر كمرور غيره من الشهور وإن كان المسلم لا ينبغي عليه أن يضيِّع شهوره ولكن هذا الشهر إذا فات على المسلم فإنه يخسر خسارةً عظيمةً، صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوما الْمِنْبَرَ فقال: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» فسأله أصحابه. قال: «إنَّ جِبْرِيل أَتَانِي فقال: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَه شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ. قُلْ: آمِينَ، قُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: ومَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدهُمَا فلم يبرَّه فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ. قُلْ: آمِينَ، قُلْتُ: آمِينَ قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ يَا مُحَمَّد فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَدَخَلَ النَّارَ، قُلْ آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» ([1]). عباد الله، إن شهركم هذا ليس كالشهور، وفضله معروفٌ وخيراته كثيرةٌ فأقبلوا على اغتنامه، وعلى صيامه وقيامه، لتجدوا ذلك عند الله مدخرًا لكم، وزيادةً في حسناتكم، وتكفيرًا لسيئاتكم. كان ثلاثة رجالٍ صالحين في الأمم السابقة مجتهدين في العبادة فاستشهد اثنان منهما في سبيل الله، وما أعظم الشهادة في سبيل الله! وبقي الثالث فأدرك رمضان فصامه وقامه ثم توفي على فراشه فرُئي سابقًا للشهيدين فتعجب الصحابة من ذلك لما ذكر لهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف إن الذي مات على فراشه يسبق ويكون أفضل من المقتول في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ قَدْ صَلَّى كَذَا وَكَذَا بَعْدَهُمَا مِنَ الصَّلَوَاتِ..» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ وَقَامَهُ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ بَيْنَهُم كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ» ([2]) فهذا يدل على قيمة هذا


الشرح

([1])  أخرجه: الطبراني في « الأوسط » رقم (8131)، والبيهقي في « الشعب » رقم (3622).

([2])  أخرجه: أحمد رقم (1403)، وابن حبان رقم (2982)، والبيهقي رقم (6322).