×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

ليالي رمضان وتفوته ليلة القدر. فالمسلم إنما يفرح بطول العمر، وإنما يفرح بالعافية والقوة من أجل أن يستعمل ذلك في طاعة الله، ويكون ذلك مغنمًا له عند الله ﴿يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩ [الشعراء: 88، 89] المسلم لا يفرح بطول العمر من أجل أن يأكل أو يشرب ويتمتع في هذه الدنيا، فإن ذلك يفنى ويزول ولكنه يفرح بطول العمر ليستعمله في طاعة الله عز وجل ويتزود من الخيرات قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ النَّاس مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ» ([1])، وعلى المسلم إذا قصَّر أو أخطأ -وكلنا خطاءون، وخير الخطائين التوابون- فعلي المسلم أن يستدرك أخطاءه وتقصيره بالتوبة إلى الله والمبادرة بالتوبة فإن التوبة تمحو ما قبلها إذا كانت توبةً صادقةً تتوفر شروطها فإنها تمحو ما قبلها وتجبُّ ما قبلها وهذا الشهر هو أحرى بقبول التوبة لفضله وكرمه عند الله سبحانه وتعالى، وعلى المسلم أن يحفظ أوقات هذا الشهر في طاعة الله ما بين قيام ليلٍ وصيام نهارٍ وذكرٍ لله سبحانه وتعالى، وتلاوةٍ للقرآن وجلوسٍ في المساجد وصدقاتٍ على المحتاجين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، فيتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة ويحفظ شهره من الضياع ويحفظ عمره من الضياع في غير فائدةٍ؛ فإن الله سبحانه وتعالى أعطاك هذا العمر من أجل أن تستعمله في طاعة الله وسيسألك عنه يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَا عَمِلَ به» ([2]) فاتقوا الله عباد الله ولا يمرُّ عليكم هذا


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2329)، والدارمي رقم (2742)، وأحمد رقم (17680).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2417)، والدارمي رقم (537)، وأبو يعلى رقم (5271).