×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

وأدائها إلى أهلها: ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ [المؤمنون: 8] هذا من صفات المؤمنين فحفظ الأمانات سواءٌ كانت مالية أو كانت سرِّية من الأسرار، أو كانت أعمالاً وظيفية. هذه أماناتٌ يجب على المسلم أن يحافظ عليها «وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» إذا خاصم عند القاضي فإنه يدلي بالحجج الباطلة، وشهادات الزور من أجل أن يكسب القضية وينتصر على صاحب الحق كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ([1]) فالواجب على المؤمن إذا اضطر إلى المخاصمة عند الحكام أن يصدق في مخاصمته ولا يلجأ إلى الكذب ولا إلى التزوير، فإنه وإن انتصر على خصمه ظلمًا وعدوانًا، فإنه سيخاصمه المظلوم عند الله يوم القيامة وستنقلب عليه القضية عما قريبٌ فإن الخصومات تعاد عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة فينصف المظلومين من الظلمة، ومن اقتطع شبرًا من الأرض بغير حقٍّ طوَّقه الله يوم القيامة من سبع أراضين. وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّمَا أَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» ([2])، «وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ» المسلمون، بل العالم كله يحتاج إلى إبرام العهود بين الأفراد وبين الرَّاعي والرعية وبين الدول بعضها مع بعضٍ فهم بحاجةٍ إلى المعاهدات لتمام مصالحهم، فالمسلم إذا عاهد وفَّى بعهده ﴿وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَٰنَ بَعۡدَ تَوۡكِيدِهَا [النحل: 91]، أما المنافق فإنه يغدر بعهده ولا يفي بوعده


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2229)، ومسلم رقم (138).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6566).