×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

عليهم ويسخرونهم في أخس المهن وكانوا يتجبرون عليهم غاية التجبر ويستذلونهم، يسومونهم سوء العذاب، يقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم إلى غير ذلك من أنواع الذلة وأنواع المهانة، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يغير على هؤلاء وأن يبدل قوتهم إلى ضعفٍ وأن يرفع المستضعفين الذين كانوا خيرًا من القبط؛ لأن بني إسرائيل هم خير أهل زمانهم؛ لأنهم من أولاد الأنبياء، من أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، وبلغ فرعون أنه سيخرج من بني إسرائيل فتى يكون زوال ملكه على يده فاهتم بهذا الأمر واستعمل الحذر، ومن ذلك أنه كان يقتل أبناء بني إسرائيل إذ ولد المولود إن كان ذكرًا قتله وإن كان أنثى تركها فلما كثر القتل في المواليد شكا إليه القبط وقالوا إن استمررت على هذا لم نَلْق من يخدمنا فإنهم سيفنون ولا نلق من يخدمنا فرفع القتل عنهم سنةً ووضعه فيهم سنةً، فكان يقتل مواليد سنةٍ ويترك مواليد سنةٍ، وكان هارون عليه السلام ولد في السنة المعفاة التي لا يقتل فيها، وولد موسى في السنة التي فيها القتل فخافت عليه أمه، لما ولدته فأوحى الله إليها -يعني ألهمها- في أن وضعته في صندوقٍ ووضعته في نهر النيل فإذا أحست بالطلب تركته يحمله النيل ويبعده عنهم صنعت هذا بإلهامٍ من الله سبحانه وتعالى فجاءوا يطلبونه فتركته مع الماء ذهبت به إلى أن وصل به إلى بيت فرعون فرأوا التابوت مع الماء فأعجبهم ذلك فأخذوه، التقطوه فلما فتحوه وجدوا فيه هذا المولود الذكر فلما رأته امرأة فرعون حنَّت عليه ورحمته ومنعت فرعون من قتله، قالت: ﴿قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا [القصص: 9]، كان فرعون لا يولد له، فتركه لكن التمسوا له من يرضعه فلم يجدوا مرضعةً يقبل ثديها، كلما 


الشرح