×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

بغزوهم، فأنزل الله جل وعلا هذه الآية: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ [الحجرات: 6]. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم من يتثبت فوجد هذا الرجل كاذبًا عليهم وأنهم جمعوا زكواتهم وهيأوها ينتظرون من يأتيهم لقبضها، فعند ذلك اتضحت القضية وسَلِم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من معاقبة هؤلاء المكذوب عليهم، وهذا شيءٌ يتكرر إلى أن تقوم الساعة، هناك من ينقلون الأخبار الكاذبة من أجل إفساد المجتمع، ومن أجل تحريض المسلمين بعضهم على بعضٍ، فالواجب على المسلم أن يتثبت في هذه الأمور، وأن يحفظ لسانه عن التفوُّه بها قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ [النور: 15] أما إذا ثبت الخبر فلا يخلو من أمرين، الأمر الأول: أن يتعلق بفردٍ من الناس فهذا يناصح مناصحةً سريةً دون أن يشاع عنه في المجالس أو يُتحدَّث عنه في المجالس. فإن هذه غيبةٌ ولو كان هذا الأمر ثابتًا قال صلى الله عليه وسلم: «الْغَيْبَة ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قالوا يَا رَسُولَ اللهِ وإِنْ كَانَ فِيهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ» ([1]). أما إذا كان الأمر يتعلق بالأمور العامة وسياسة الدولة ومصالح المسلمين فإن هذا يكون علاجه عند ولي الأمر، وعند أهل الحل والعقد ولا يتدخل فيه الغوغاء وعامة الناس بل يكون هذا علاجه عند أولي الأمر قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا [النساء: 83]، ورده إلى الرسول في حياته، وإلى أولي الأمر من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يعالجوه لأن هذا من شئونهم؛ لأن الله وكَّل إليهم


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2589).