×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

أمور الرعية وجلب ما ينفع الرعية ودفع ما يضرها فلا يجوز أن يتدخل في هذا العامة والغوغاء؛ لأن تدخلهم فيه لا يُجْدِي شيئًا وإنما ينشر الرعب بين المسلمين والتخويف بين المسلمين، وإننا في ظل هذه الأحداث التي نعيشها، أحداث العراق الآن ظهر أناسٌ همهم القيل والقال والبحث في هذه الأمور فصار منهم من يصدر الفتاوى، وهو ليس من أهل الفتوى، ومنهم من يصدر البيانات ولم يخول إليه إصدار البيانات وإنما الفتوى وإصدار البيانات من شأن أهل العلم وولاة الأمور، أما هؤلاء الغوغاء والدهماء فإنما هم مفتاتون على ولي الأمر وعملهم هذا إفسادٌ محققٌ لا خير فيه؛ لأنه لا ينكأ صيدًا ولا يقتل عدوًّا وإنما هو قيل وقال وترويعٌ للناس وتدخلٌ فيما لا يعنيهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ» ([1])؛ لأنه إذا تدخل فيما لا يعنيه كان فسادًا محضًا أو فسادًا راجحًا لا يجدي شيئًا، إنما واجب المسلمين نحو هذا الأمر أن يكثروا من الدعاء، أن يدعوا الله سبحانه وتعالى بأن يفرِّج عن المسلمين ما ألمَّ بهم، وأن يدعوا لولاة الأمور بالتوفيق إلى العلاج الناجح الذي فيه صلاح الإسلام والمسلمين، ثم واجب المسلمين أيضًا إصلاح أنفسهم وتفقد أحوالهم فإنهم ما أصيبوا إلا بسبب ذنوبهم. قال تعالى: ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ [الشورى: 30]، لكن أكثر الناس لا يلتفتون إلى أنفسهم ومحاسبة أنفسهم وإنما يشتغلون بغيرهم ويحملون هذا الأمر غيرهم وكأنهم هم لم يفعلوا شيئًا وكأنهم ملائكةٌ، كأنهم معصومون، لا يلتفتون إلى أن سبب هذا الأمر من قبل أنفسهم فيتوبون إلى الله عز وجل ويصلحون وضعهم، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فيما بينهم


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2318)، وأحمد رقم (1737).