وجعلهم أمةً واحدةً وإخوةً في الدين، يذكرهم بهذه النعم ويحثهم على شكرها.
ويأمرهم سبحانه وتعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقول لمن فعل ذلك ﴿وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104].. وينهى
عما كانت عليه الأمم الأُخرى من التفرُّق والاختلاف من بعد ما جاءتهم البينات
وجاءهم العلم، فهم لم يختلفوا عن جهلٍ وإنما اختلفوا عن هوى والعياذ بالله،
ويتوعدهم بالعذاب العظيم ويخبر أنه في يوم القيامة ﴿تَبۡيَضُّ
وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ﴾ [آل عمران: 106]. قال ابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما: تبيض وجوه أهل
السمع والطاعة وتسود وجوه أهل الفرقة والشناعة. وقال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ
مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ
إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ
وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59] يأمر سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يطيعوا الله فيما أمر به
فيفعلوه ويطيعوه فيما نهاهم عنه فيجتنبوه، وكذلك يأمرهم بطاعة الرسول صلى الله
عليه وسلم فإن الرسول لا يأمر إلا بما أمر الله به ولا ينهى إلا عما نهى الله عنه؛
لأنه مبلغٌ عن الله وأمينٌ على وحيه، ثم يأمر بطاعة ولاة أمور المسلمين لما في ذلك
من المصالح العظيمة ودفع المضار، ثم يأمر عند النزاع أن يردوا الحكم فيما تنازعوا
فيه واختلفوا فيه إلى كتاب الله سبحانه وتعالى وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأن ذلك خيرٌ لهم عاجلاً وآجلاً ومالاً ﴿ذَٰلِكَ
خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ أي مالاً وعاقبةً. هذا منهج أهل الحق أنهم يطيعون الله ويطيعون الرسول
ويطيعون أولي الأمر من المسلمين ويتحاكمون إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله
عليه وسلم. أما منهج أهل الضلال فهم على خلاف ذلك يعصون الله ويعصون الرسول صلى
الله عليه وسلم ويشُقُّون عصا الطاعة ويتحاكمون إلى القوانين والطواغيت، هذا منهج
أهل الضلال،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد