×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

وأما القيام للقادم من مغيبه تلقِّيًّا له كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام لعكرمة لما قدم مسلمًا مهاجرًا، وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ: قوموا إلى سيدكم... والذي ينبغي للناس أن يعتادوه هو اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم. فلا يعدل أحدٌ عن هدي خير الورى وخير القرون إلى ما هو دونه، وينبغي للمُطاع ألا يقرّ ذلك مع أصحابه بحيث إذا رأوه قاموا عند وصوله.

وأما القيام لمن يقدم من سفرٍ ونحو ذلك تلقِّيًّا له فحسنٌ، وليس هذا هو القيام المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([1]). فمن ذلك أن يقوموا وهو قاعدٌ وليس أن يقوموا لمجيئه إذا جاء، ولهذا فرَّقوا بين أن يقال قمت إليه وقمت له، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القادم على القاعد، وقد ثبت في صحيح مسلمٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم قاعدًا في مرضه وصلوا قيامًا أمرهم بالقعود، وقال لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضهم بعضًا، وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعدٌ لئلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعودٌ.

عباد الله: ومن بلغه سلامٌ من غائبٍ وجب عليه الرد عليه، فإن كان بواسطة شخصٍ فإنه يقول في الرد: وعليه السلام، وإن كان بواسطة كتابٍ فإنه إذا قرأه يقول: وعليكم السلام. فيرد عليه بأحسن من تحيته أو مثلها....


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (5229)، والترمذي رقم (2755)، وأحمد رقم (16918).