×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

فالكفار يهددون المسلمين من قديم الزمان ولكن المسلمين لا يعبئون بتهديدهم، وإنما يخافون من الله سبحانه وتعالى. فقد هددوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما حصل منهم بعد وقعة أُحدٍ لما حصل على المسلمين ما حصل في هذه الغزوة من النكبة والقتل والجراح وانصرف المشركون عائدين إلى مكة ثم أرسلوا إلى المسلمين من يهددهم، ويقول عن قائد الكفار إننا سنرجع ونقضي على بقيتهم فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءه المندوب من الكفار ما زاده إلا إيمانًا وقوةً وثقةً بالله سبحانه وتعالى، فأمر أصحابه بأن يخرجوا في طلب العدو فخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بعد معركةٍ شرسةٍ، وفيهم الجراح، وقُتِلَ منهم من قُتِلَ؛ خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب العدو الذي يهددهم، ونزلوا في مكانٍ بين مكة والمدينة ينتظرون العدو. فلما بلغ الكفار خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابهم الرعب وقالوا: ما خرجوا إلا وفيهم قوة، فانهزموا بإذن الله وخابوا وخسروا ومضوا إلى مكة، ورجع المسلمون سالمين غانمين بالأجر والثواب، وأنزل الله في ذلك قوله ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ ١٧٣ فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ ١٧٤ [آل عمران: 173، 174] ثم قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوۡلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [آل عمران: 175] هذا التهديد الذي جاءكم إنما هو من الشيطان يخوفكم بأوليائه من الكفار، ويهددكم بالكفار ﴿فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [آل عمران: 175] خافوا من الله عز وجل، وقوي إيمانهم ويقينهم ما زادهم ذلك إلا رفعةً في الدنيا والآخرة، وقوةً وأجرًا وثوابًا.


الشرح